لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (المائدة ٦).
وكما نعلم فإن مدلول الآيات الكريمة ، واضح جداً ولا يحتاج الى تفسير أو توضيح ، ولكن الخليفة عمراً ، أفتى بعكس مضمون الآيات ، وأعلن حكماً شرعياً يتعارض مع النص الذي تتضمنه الآيات المباركة ، إذ أسقط الفريضة عند فقد الماء ، وهي التيمم الى أن يتوافر الماء ، ويبدو من حيثيات فتوى عمر انه أمر الصحابة بالتمسّك بفتواه وإنْ كانت تُعارض القرآن الكريم ، وما جرت عليه السُنّة النبوية. فمن خلال الحوار الذي جرى بين الصحابي أبي موسى الاشعري وابن مسعود ، يتضح ان الصحابة كانوا يَخشون اعتراض الخليفة عمر أو نقده في هذه الأمور ، فعندما سأل أبو موسى الاشعري ، ابن مسعود عن حكم المُجنب الذي لا يجد ماءً ، فقال له ابن مسعود بانه لا يصلي حتى يجد الماء ، فذكّر أبو موسى ، ابن مسعود ، أمر النبي لعمار بالتيمم في قضية معروفة حكاها له ، فأجاب ابن مسعود بأن عمر لم يقتنع بذلك (١) ، يعني انه بالرغم من حكم النبي القاطع في هذه المسألة الشرعية إلا أن عمر بن الخطاب تمادى في مخالفته له بحيث ان الكثير من المتحلّقين حوله ، قد خشوا أن يخالفوا رأيه في هذه المسألة ، واختاروا المضي في الالتزام بأوامره في هذا المجال ، بالرغم من عدم إقتناعهم بذلك.
وعموماً كان الخليفة عمر بن الخطاب ، يجهل أكثر المسائل التي تُطرح عليه ، فيستنجد بالآخرين لحل المعضلات التي كانت تواجهه ، فقد حظر على الصحابة المجتهدين في المدينة أن يغادروها ، ليستشيرهم في المسائل المعضلة ، وفي الأحكام ، فكوّن منهم لجنة للفتوى (٢).
وكان عمر إن أعياه أن يجد في القرآن والسُنّة ، حلا لمشكلة ما ـ بالطبع حسب
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٥٠.
(٢) المذاهب الفقهية ١٩.