ويقرّ الخليفة عمر بانه قضى في الجد قضايا ، ثم رجع في هذه المعضلة الى زيد بن ثابت (١) ، وقد كان عمر قد أفتى في ميراث الجد ، مئة فتوى مختلفة (٢).
ولاريب ان عمر بن الخطاب من خلال الحقائق المذكورة آنفاً ، لم يستوعب حكم إرث الجد بالرغم من إجابة النبي له ، وظلّ جاهلاً بالحكم ، ويقضي فيه بأقضية كثيرة متفاوتة ، تُعدّ بالعشرات إلى أن استقرّ على قضاء زيد بن ثابت. وهنا يثبت الخليفة عمر بأنه كان جاهلاً بهذا الحكم ، من عصر النبي صلىاللهعليهوآله وحتى وفاته ، كما يتضح من مسلسل الحوادث التي وقعت في تلك الفترة.
وعلى هذا المنوال ، جاء رجلان الى عمر ، وسألاه عن طلاق الأمَة ، فأفحم عمر ولم يحْرَ جواباً ، ثم ذهبا الى علي وسألاه فقال : إثنتان ، فالتفت عمر إليهما وقال : إثنتان ، فقال أحدهما لعمر : بأنهما جاءا اليه وهو أمير المؤمنين ، فسألاه عن طلاق الأمَة ، ولكنه انصرف الى رجل فسأله عن الجواب (٣).
ولقد سُئل ابن عباس عن رجل توفي وترك ابنته وأخته لأبيه وأمه ، فأجاب بأنه ليس لأخته شيء من الارث ، والبنت تأخذ النصف فرضاً وبالباقي تأخذه رداً ، فقال السائل له بأن عمر قضاها بغير ذلك ، فقال له ابن عباس : أأنتم أعلم أم الله؟
وقال ابن عباس أيضاً : إن الله تعالى قال : إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ (٤) وقلتم أنتم : لها نصف ما ترك وإن كان له ولد (٥).
__________________
(١) كنز العمال ١١ : ٥٨ / ٣٠٦١٢.
(٢) كنز العمال ١١ : ٥٨ / ٣٠٦١٣ ؛ فتح الباري ١٢ : ١٧.
(٣) كنز العمال ١٣ : ١٦٩ / ٣٦٥١٢.
(٤) النساء ١٧٦.
(٥) السنن الكبرى ـ البيهقي ٦ : ٢٣٣ ؛ الدر المنثور ٢ : ٢٥١.