وما يجدر ان الآية القرآنية : يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّـهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ (١) صريحة في اشتراك التوارث بين الأخوة والأخوات ان لا يكون للموروث منهم ولد ، والنبت ولد في اللغة العربية والعُرف ، ومعاجم اللغة تشهد بذلك. وحسبنا قوله تعالى : يُوصِيكُمُ اللَّـهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ (٢) ... وكان بعض العرب يبشّر بولادة بنت له ، فيقول : والله ما هي بنعْمَ الولد.
لكن عمر بن الخطاب حمل الولد في الآية المذكورة على الذكر خاصة ، فساوى في الميراث بين بنت الميت ، وأخته لأبيه وأمه ، فخصّ لكل منها النصف مما ترك ، وتبعته في ذلك المذاهب السُنّية كافة ، مع ان الخليفة الثاني خالف الآية القرآنية بصراحة تامة ، جاهلاً أو متجاهلاً معناها الجلي.
وخطب عمر يوماً ، فقال ان من غالى في مهر ابنته ، فإنه يجعل فضل ذلك في بيت المال ، فقامت اليه إمرأة وقالت له : كيف تمنعنا ما منحنا الله تعالى به في كتابه ، في قوله تعالى : وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا (٣) ، فأجابها عرم : كل الناس أفقه من عمر حتى المخدّرات في البيوت (٤) ، ثم رجع الى المنبر ، وقال للناس : إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق ، ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له ، ثم قال لأصحابه : تسمعونني أقول هذا
__________________
(١) النساء ١٧٦.
(٢) النساء ١١.
(٣) النساء ٢٠.
(٤) الدر المنثور ٢ : ١٣٣ ؛ تفسير ابن كثير ١ : ٤٧٨.