عصيت الله في واحدة ، فقد عصيت الله في ثلاث ، قال الله : ولا تجسّسوا وقد تجسّست ، وقال : وأتوا البيوت من أبوابها ، وقد تسوّرت عليّ ودخلت عليّ بغير اذن ، وقال الله تعالى : لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها. قال عمر : فهل عندك من خير إن عفوت عنك؟ قال : نعم ، فعفا عنه وخرج وتركه (١).
إن الخليفة عمر ، فَعَل في هذه الحادثة وأمثالها ، أموراً يجهل انها تجسّس على الآخرين ، والغريب ان أحد الرجال المغمورين ، لقَّن لخليفة دروساً في الأخلاق ، وما ينبغي عليه إذا أراد دخول بيوت الآخرين ان يكون كذلك ، وكان يجب أن يكون العكس هو الصحيح!!.
وذات يوم ، سمع عمر بن الخطاب ، رجلاً يقول : اللهم اجعلني من القليل ، فقال له مُستهجناً : ما هذا الدعاء؟ فقال له الرجل : اني سمعت الله يقول : وقليل من عبادي الشكور ، فأنا أدعوه أن يجعلني من ذلك القليل ، فقال عمر : كل الناس أعلم من عمر (٢).
وفي هذا المشهد ، يبرز هذا الرجل أكثر ذكاء وفراسة من الخليفة عمر الذي عجز عن استيعاب ما يُومئ دعاء الرجل من معنى إقتبسه من القرآن الكريم ، ولذلك لم يعلّق عمر على جواب الرجل سوى بقوله ان جميع الناس أعلم منه.
وهناك مواقف أخرى تثبت جهل عمر بالكثير من الآيات القرآنية أو فهم مغزاها
__________________
(١) الدر المنثور ـ السيوطي ، ذيل تفسير قوله تعالى وَلَا تَجَسَّسُوا سورة الحجرات ٤٩ : ١٢ ؛ كنز العمال ٨٠٨ : ٣ / ٨٨٢٧.
(٢) الدر المنثور ـ السيوطي ، تفسير وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ٢٢٩ : ٥ ؛ الكشاف الزمخشري ، تفسير قوله تعالى وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ سورة سبأ ٣٤ : ١٣.