الدقيق ، واستيعاب معانيه وأبعاده التشريعية والدينية وكل المتطلبات الانسانية.
والله تعالى يقول في كتابه الكريم : لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ (١).
ورسول الله نفسه يؤكد للمسلمين بأن : «جئتكم بالقرآن ومثليه» ... ويقول : في حديث مشهور عند اهل السُنّة : «تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ، كتاب الله وسُنّتي» وعليه ، فينبغي أن تكون السُنّة النبوية ، متداولة بين المسلمين ، والكل يطّلع عليها حتى يعرف مسؤوليته الشرعية في الحياة ، والحديث النبوي في حدّ ذاته ، حُجة على الأمة ، ويجب عليها الإمتثال لأوامر الشريعة ونواهيها وواجباتها بكل دقة ، ولا يتم ذلك إلا إذا كانت السُنّة النبوية مدوَّنة حتى لا ينساها حَفَظَتها بمرور الزمن ، كما ينبغي على أبناء الأمّة تَداول الحديث النبوي فيما بينهم كل يتعايشوا معه ، ويملأ نفوسهم بالحكمة والموعظة ، ويطبّقونه في سلوكهم وممارساتهم الحياتية الدقيقة على أساس شرعي متين. فالمسؤولية في تطبيق الشرع المقدس تقع على جميع المسلمين من خلال الاستلهام من القرآن والسُنّة معاً.
فبالنسبة لكتابة وتدوين الحديث النبوي ، منع الخليفة الثاني تدوين الحديث ، لأنه لا ينبغي أن يُكتب كتاب مع كتاب الله ومن كان عنده شيء من أحاديث الرسول فليمحه (٢). ويقصد عمر بالكتاب ، تدوين الحديث النبوي بعد أن كان محفوظاً في صدور الرجال والحَفَظَة من الصحابة ، وقال عمر أيضاً بأنه لا يُلبس كتاب الله بشيء أبداً (٣) أي بكتابة وتدوين الحديث النبوي.
__________________
(١) النحل ٤٤.
(٢) كنز العمال ١٠ : ٢٩٢ / ٢٩٤٧٦ ؛ كتاب العلم ـ النسائي : ١١.
(٣) عمدة القاري ٢ : ١٢٩ ؛ المصنف ١١ : ٣٢٥.