يقولون للمسلمين بأن عليهم بالقرآن فحسب ليحلّوا حلاله ويحرّموا حرامه ، وان ما وجدوا في كتاب هالله اتبعوه.
وطبق قول رسول الله فإن خلّف حديثاً كثيراً ، فلماذا يُمنع المسلمون من تداوله ، بحيث يبقى القرآن الكريم وحيداً منفرداً ، يحلّلون حلاله ويحرّمون حرامه دون الرجوع الى السُنّة النبوية ومعرفة التفاصيل والشرح المفصَّل للمجمل من القرآن.
فكيف والحال هذه ، سيطبّق المسلمون ، الشرع على أنفسهم وهو في الكتاب العزيز مُجمل ، والمفروض الاعتماد على السُنّة النبوية لكي تصبح المسائل والمشاكل الشرعية واضحة للمكلَّفين؟
والغريب ان الخليفة الثاني لم يستثنِ حتى الصحابي «أبي هريرة» ، المعروف ـ عند أهل السُنّة ـ بأنه من أبرز نَقَلة الحديث النبوي ، لمواهبه وذكائه الخارق ، وقدرته الفائقة على الحفظ ، ومع ذلك فقد منعه الخليفة عمر بن الخطاب منعاً باتاً من التحدّث بالحديث النبوي ، وتهدده بالضرب والنفي إذا حدّث عن الرسول صلىاللهعليهوآله شيئاً ، وحذّره اذا لم يترك الحديث عن رسول الله فسوف يلحقه بأرض قومه (١). وكان «أبو هريرة» يؤكّد بأنه لم يستطع التحدّث بالسُنّة النبوية حتى مات الخليفة الثاني (٢).
وبعد رحيل عمر بن الخطاب ، أطلق «أبو هريرة» العنان للحديث دون رقيب ، قائلاً بأنه لو حدّث بهذه الأحاديث في زمن عمر لأوجعه ضرباً (٣).
وعندما تصدّى الخليفة عثمان بن عفان لسدة الحكم بعد وفاة الخليفة عمر بن
__________________
(١) تأريخ المدينة المنورة ـ ابن شبة المصري ٣ : ٨٠٠.
(٢) البداية والنهاية ٨ : ١٠٧.
(٣) جامع بيان العلم ٢ : ١٢١.