أخريين ، الأولى حرب صفين من قبل معاوية وأهل الشام ، والثانية من قبل الخوارج الذين قتلوه وهو يصلي الفجر في محراب مسجد الكوفة.
وخلال تلك السنوات ، حاول جاهداً فيها ، أن يُقيم العدل ولا يخرج عن السُنّة النبوية ، فقد خرج علي يوماً الى السوق ومعه سيفه ليبيعه ، قائلاً : من يشتري مني هذا السيف؟ فوالذي فق الحبة لطالما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله ، ولو ان عندي من إزار لما بعته (١).
واستعمل علي رجلاً من ثقيف على عكبرا ... فقال له علي : إن يبلغني عنك خلاف ما أمرتك عزلتك ، فلا تبيعن لهم رزقاً يأكلونه ، ولا كسوة شتاء ولا صيف ، ولا تضربنّ رجلاً سوطاً في طلب درهم ، ولا تهيّجة في طلب درهم ، فإنّا لم نؤمر بذلك ، ولا تبيعن لهم دابة يعملون عليها ، إنما أُمرنا أن نأخذ منهم العفو
قال الثقفي : إذاً أجيئك كما ذهبت!!
قال : وإن فعلتَ. قال : فذهبت فتتبعت ما أمرني به ، فرجعت والله ما بقي عليّ درهم واحد إلا وفّيته (٢).
وقال علي لابن عباس ، عندما ولاه البصرة : عليك بتقوى الله والعدل بمن ولّيت عليه ... وإياك والهوى فإنه يصدّك عن سبيل الله
وبعد مقتل علي ، قال ابنه الحسن : والله ما ترك صفراء ولا بيضاء ، إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه (٣).
__________________
(١) ذخائر العقبى ـ أحمد بن عبد الله الطبري : ١٠٧.
(٢) تأريخ مدينة دمشق ـ بن عساكر ٤٢ : ٤٨٨.
(٣) الطبقات الكبرى ـ ابن سعد ٣ : ٣٨ ؛ تأريخ الاسلام ـ الذهبي ٣ : ٦٥٢.