ولا ريب انه من المحال أن تكون هذه الواقعة قد حدثت بالفعل ، ولاشك ان هذا الحديث موضوع جملة وتفصيلاً ، لأن سالماً كان شاباً قد بلغ الحُلُم ، وليس طفلاً ، صغيراً حتى يحقّ لامرأة أجنبية أن ترضعه ويصبح محرماً لها ، فكيف يجوز للمرأة أن تكشف عن جسدها ليضع فمه على صدرها ويمسه ويمتص من اللبن حتى بلوغ الرضعة الخامسة التي يصبح بعدها ابنها من الرضاعة؟ .. ثم لماذا لم يشتهر هذا الحديث إلا عبر عائشة دون غيرها ، مع ان الذين أصبحوا محرماً لها عدد لا بأس به ، وكان ينبغي أن يشيعوا خبر هذا الحلّ النبوي لهذه المعضلة حتى يصبح مخرجاً شرعياً للذين يقعون في مثل هذا المأزق؟ ولاشك ان سائر المسلمين اليوم لا يستسيغ هذا الفعل المُستهجن لأمه أو زوجته أو أخته أو إبنته ، فكيف يصحّ مثل هذا الحُكْم وانه قد صدر من النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله يا أولي الالباب؟
نماذج من فتاوى الامام مالك وأقواله
الأول : يدّعي مالك أن أول سورة براءة لما سقط من القرآن الكريم ، سقطت معه البسملة التي كان من الثابت انها تعدل سورة البقرة في طولها (١).
وهذا إقرار من الامام مالك بأن القرآن الكريم المتوافر في أيدي الناس ناقص ، وان هناك عدداً من آيات براءة قد سقط منها مع البسملة ، بينما يؤكد أهل السُنّة والجماعة نقلاً عن ابن عباس بأنه سأل علياً لمَ لم تُكتب في براءة (بسم الله الرحمن الرحيم) ، فقال علي : لأنها أمان ، وبراءة نزلت بالسيف (٢) ، ولذلك لم تضم سورة براءة آية البسملة. فكيف نوفّق بين الروايتين؟
__________________
(١) انظر : تفسير السمعاني ٢ : ٢٨٤ ؛ فتح القدير ـ الشوكاني ٢ : ٣٣٢.
(٢) فتح الباري ـ ابن حجر ٨ : ٢٣٥ ؛ عمدة القاري ـ العييني ١٨ : ٢٥٣.