الثاني : كان مالك يضعّف حديث غسل الاناء سبعاً ، اذا ولغ فيه الكلب ، ويقول بأن ما يُؤكل صيده ، كيف يُكره لعابه؟ مع ان لا علاقة بين الاثنين ، وانه قياس باطل ، ومع تضعيف مالك لهذا الحديث ، فإن البخاري ومسلم قد دوّنا الحديث في صحيحهما.
الثالث : أهمل مالك اعتبار حديث : من مات وعليه صوم ، صام عنه وليه ، وذلك للأصل القرآني وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ (١) ، مع ان الامام البخاري ومسلماً جاءا بعده وصحّحا الحديث ، ودوّناه في صحيحهما إثباتاً له.
والمعروف ان صحيح البخاري هو أصحّ كتاب بعد كتاب الله ، كما يعتقد جمهور المسلمين.
الرابع : فرّق مالك بين الوطء بعقد النكاح ، وبين الوطء في بعض تلك بملك اليمين ، فيقول : من ملك بنت أخيه ، أو بنت أخته ، وعمته ، وخالته ، وإمرأة أبيه ، وامرأة ابنه بالولادة ، وأمّه نفسه من الرضاعة ، وابنته من الرضاعة ، وأخته من الرضاعة ، وهو عارف بتحريمهن ، وعارف بقرابتهن منه ، ثم وطأَهُنَ كلهن ، عالماً بما عليه في ذلك ، فإنّ الولد لاحق به ، ولا حدّ عليه ، لكن يُعاقب ، ورأى ان الرجل إنْ مَلكَ ، أمّه التي ولدته ، وإبنته وأخته ، بأنهن حرائر ساعة يملكهن ، فإن وطأهن حُدّ حد الزنا (٢).
وليتنا نعلم ، كيف يحق للرجل أن يمتلك محارمه المقرّبين ، عالماً بتحريمهن عليه ، ويطأهن كلهن ، ثم يعاقب عقاباً يسيراً ، وهل هذا الحكم إلا إعمالٌ باطل ومغلوط للقياس والرأي؟
__________________
(١) اضواء على السنة المحمدية ـ محمود ابو رية : ٣٦٩.
(٢) المحلى ـ ابن حزم ١١ : ٢٥٣.