الخامس : ان ابن الماجشون ـ وهو فقيه مالكي وصاحب مالك ـ المعروف بسماع الأغاني والطرب ـ قد أفتى بأن المُخدَمة سنين كثيرة لا حدّ على المُخدم ، إذا وطأها ـ طبعاً بدون عقد زواج ـ ولا نعلم كيف يضفي هذا الفقيه المالكي على الزنا الصريح ، حكم الحلّية وعدم إقامة حد الزنا على الفاعل ، وهل ان الخدمة الطويلة ، تسمح للخادم بممارسة هذه الخطيئة وتخليصه من العقاب؟ إنه لعجب عجاب.
السادس : يقول مالك بعدم بقاء زوجة المفقود في عصمته ، وان من حقها الزواج بعد الفسخ ، وذلك بعكس ما يقول أبو حنيفة والشافعي من ان الزوجة تبقى في عصمة زوجها المفقود حتى تثبت وفاته أو تموت.
لا حجّية لعمل أهل المدينة
إن المتتبع لأحوال أهل المدينة وموقفهم من صاحب الرسالة الاسلامية ، طيلة فترة نزول الوحي ، وبعد رحيله صلىاللهعليهوآله ، لا يحكم بصحة ما يقوله مالك بن أنس في عمل أهل المدينة ، بخلاف أئمة أهل السُنّة الآخرين ، من انّ عملهم بمثابة سُنّة مشهورة مأثورة ورواية للحديث ، لأنهم ـ والقول لمالك ـ لا يخالفون الرسول صلىاللهعليهوآله ، ويتركون سُنته ، وانما عملهم امتداد لسُنّته ، وينبغي إتّباعها والأخذ بها مطلقاً ، وهي مقدّمة على خبر الآحاد (١).
وفي تعبير آخر : لما كان القرآن قد نزل في المدينة ، وأهلها هم أول من وجّه إليهم التكليف ، ومن خُوطبوا بالأمر والنهي ، وأجابوا داعي الله فيما أمر ، واقاموا عمود الدين ، وورثوا علم السُنّة ، وفقه الاسلام ، ولذا لا يجوز لأحد مخالفة عمل أهل المدينة ، للوراثة التي آلت إليهم في عهد تابعي التابعين.
__________________
(١) المذاهب الفقهية : ٦٥.