الحسن ... فإذا لم يجد في ال باب أثراً يدفعه ، ولا قول صحابي ، ولا إجماعاً على خلافه ، كان العمل به أولى من القياس. وليس أحد من الأئمة إلا وهو موافقه على هذا الأصل من حيث الجملة ، فإنه ما منهم أحد إلا وقد قدّم الحديث الضعيف على القياس (١).
ـ ويفصح أبو داود عن عجز ابن حنبل عن الجواب ، بالقول : ما أُحصي ما سمعت أحمد ، سُئل عن كثير ، مما فيه الاختلاف في العلم ، فيقول : لا أدري (٢).
ـ والحق ان اعتماد أحمد كان على الحديث والأثر وأقوال السلف ، أكثر من اي شيء آخر ، فهو إذاً من الفقهاء الذين غلب عليهم النقل ، ولهذا عدّه بعض المؤرخين من فقهاء المحدّثين ، ولم يعدّه ابن جرير الطبري في كتابه (اختلاف الفقهاء) من الفقهاء ، ولم يعرض لذكره فيها ، فأثار حقد أتباعه الحنبليين عليه ، وثاروا عليه ، وهدّدوه ، ولما توُفي كادوا يحولون دون دفنه في بغداد ، فاضطرت الدولة للتدخل ، منعاً للاصطدام بين تابعيه ومعاديه ، فدُفن ليلاً (٣).
ـ ولا يخفي ابن القيم حقيقة أخرى عن أحمد حين يقول إنه كان شديد الكراهة لتصنيف ال كتب ، وكان يحب تجريد الحديث ، ويكره أن يُكتب كلامه ، ويشتد عليه جداً ، فعلم الله حسن نيته وقصده ، فكُتب من كلامه وفتواه ، أكثر من ثلاثين سفراً (٤).
__________________
(١) المذاهب الفقهية : ١٠٨ ـ ١٠٩.
(٢) المذاهب الفقهية : ١٠٩.
(٣) المذاهب الفقهية : ١٠٩ ـ ١١٠.
(٤) المذاهب الفقهية : ١١٣.