أحمد بن حنبل والتشبيه
من الأخطاء التي وقع فيها الامام أحمد بن حنبل ، اعتباره النصوص الواردة في القرآن الكريم حول الاستواء والفوقية والنزول والعلو ، وفي الوجه والعين واليد والقدم ، غير معلومة الكُنْه والحقيقة ، وانها صفات الله بلا تأويل ولا تعطيل ، مع تنزيه الله من سمات الحدوث ومشابهة المخلوقات (١).
أنسي الامام أحمد بأن مفردات اللغة العربية ، تحمل الكثير من عبارات الاستعارة والمجاز؟ أليس هناك عبارات دارجة ، مثل : «وقع المجرم في قضية العدالة» أو «تسلّم فلان كرسي الحكم» أو «تربع الرجل على العرش» أو «هم تحت يدي» أو «تلاحقه عيون السلطة» أو «استوى على كرسي الحكم» أو «قلّب أوجه القضية»؟ هل هذه العبارات تشير الى أيد وعيون وأوجه ، حقيقة أم مجازية؟ فلماذا نستثني الله تعالى من قواعد البلاغة ، كالمجاز والاستعارة ، ونطبّقه على المخلوقات؟
وعلى فرض ان هذه الصفات ، خاصة بالله ولا تشبه صفات المخلوقات ، طبق الآية الكريمة : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (٢) أي غير معلومة الكُنْه والحقيقة ، ولكنها في كل الأحوال ، هي صفات تعبّر عن جوارح ، فهل الله بحاجة الى عين ليرى ، أو يد ليمسك بها الأشياء ، أو قَدَم يسير بها؟ بينما هو غين عن الحواس أو هذه الوسائل التي هي من صفات المخلوقين ، يستعينون بها في حياتهم ، فلماذا يتّصف الله بصفات وحواس مهما يكن كُنْهها وحقيقتها؟ هي في الحقيقة صفات مخلوقين يفتقرون إليها دون الخالق الغني الحيد. ثم ان صفات الله هذه التي يؤمن بها ابن حنبل وأمثاله هي صفات حقيقية لا
__________________
(١) المذاهب الفقهية : ١٠٧.
(٢) الشورى ١١.