والتعديل وانما يختلفان أو يتعارضان كثيراً.
ومع كل ذلك فإن ابن الصلاح يحتج بدون أي دليل أو مصداقية ويحاول جاهداً التأكيد بأن الأمّة قد تلقّت البخاري ومسلم بالقبول ، فيردّ عليه الجزائري قائلاً : فإذا أراد بالأمّة كل الأمّة ، فلا يخفى فساده لأن الكتابين إنما حُسناً في المئة الثالثة بعد عصر البخاري وأئمة المذاهب المتّبعة ، وإن أراد بعضها ، وهم من وُجد بعد الكتابين ، فهم بعض الأئمة فلا يستقيم دليله ، وإن أراد بالأمّة علماء ، فإن العلماء في هذا الأمر ، ثلاثة أقسام : على ان العلماء الذين جاءوا بعد ظهور هذه الكتابين ، في القرن الثالث الهجري ، أما من قبلهم من أهل القرون الاولى الذين جاء فيهم حديث ، رفعوه الى النبي بأنهم خير القرون ، فهم جميعاً لم يروا هذين الكتابين حتى كان يُعلم رأيهم فيهما ولا كيف لقوهما (١).
ويقول الامام أبو زرعة عن سُنن ابن ماجة : أظنّ إنْ وقع هذا في أيدي الناس ، تعطّلت هذه الجوامع أو أكثرها. وبالطبع تتضمن هذه الجوامع : البخاري ومسلم ، وهو في ذلك يفضّل سُنن إبن ماجة على الصحيحين (٢).
وعند الترجيح بين البخاري ومسلم ، يقول ابن حجر : إن الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم ، أربعمائة وبضعة وثمانون رجلاً ، المُتكلّم فيهم بالضعف منهم ثمانون رجلاً (٣) ، وينقل الذهبي عن أبي عمر وحمدان بأنه سأل ابن عقدة : أيهما أحفظ ، البخاري أم مسلم؟ فقال : يقع للبخاري الغلط في أهل الشام ، وذلك لأنه أخذ كتبهم ونظر فيها ، فربما ذكر الرجل بكنيته ، ويذكره في موضع آخر بإسمه يظنّهما إثنين ،
__________________
(١) المصدر السابق : ٣٦٣.
(٢) تذكرة الحفاظ ـ الذهبي ٢ : ٦٣٦.
(٣) مقدمة فتح الباري ـ ابن حجر : ٩.