شرطهما ، ثم ما اشتمل على شرط أحدهما ، تحكّم لا يجوز التقليد فيه ، إذ الأصحية ليست إلا لاشتمال رواتهما على الشروط التي اعتبراها ، فإن فرض وجود تلك الشروط في رواة حديث في غير الكتابين ، أفلا يكون الحكم بأصحية ما في الكتابين عين التحكّم (١).
وقد استدرك جماعة على البخاري ومسلم أحاديث أخلّا بشرطيهما فيها ، ونزلت عن درجة ما إلتزماه ، وقد ألّف الإمام الحافظ الدارقطني في بيان ذلك ، كتابه المسمّى (بالاستدراكات والتتبع) استدراكاً عليهما ، وكذا لأبي علي الغساني في كتابه (تقييد المهمل) ، وما يقوله الناس ان من روى له الشيخان فقد جاوز القنطرة! هذا من التجوّز ولا يقوى (٢).
ويقول ابن أمير الحاج في شرح التحرير : ان أصحية البخاري ومسلم على ما سواهما تنزّلاً ، إنما تكون بالنظر الى ما بعدهما ، لا المجتهدين المتقدّمين عليهما (٣).
واذا قالوا : صحيح متّفق عليه ، أو على صحته ، فمُرادهم : اتفاق الشيخين ، إذ ذكر ابن الصلاح : أن ما روياه أو أحدهما ، فهو مقطوع بصحته ، والعلم القطعي حاصل فيه. لكن هذا الزعم قد خالفه فيه المحقّقون والأكثرون ، فقالوا : يفيد الظن ما لم يتواتر (٤).
ولا يلزم من إجماع الأمّة على العمل بما في الصحيحين ، إجماعهم على انه
__________________
(١) اضواء على السنة المحمدية ـ ابو رية : ٣١٢ نقلاً عن كتابي توجيه النظر وشرح شروط الائمة الخمسة.
(٢) فتح الباري ـ ابن حجر ١٣ : ٣٨٢.
(٣) اضواء على السنة النبوية ـ ابو رية : ٣١٤.
(٤) النكت على كتاب ابن الصلاح ـ ابن حجر : ١١١ ؛ شرح صحيح مسلم ـ النووي ١ : ٢٠.