الكثير من علماء الجمهور؟ كلّما في الأمر ان الله أوضح ان الاختلاف من شيمة البشر ، وهو خصلة مذمومة حتماً ، لكنه لم يمدحها أبداً ، ولم يقل إنها رحمة للناس ، وان الاختلافات في الفروع مقبولة بعكس الاختلافات العقائدية والاصولية.
أما الآية القرآنية الأخرى التي نزلت بخصوص الاختلاف والفرقة وتوضيحهما ، هي قوله تعالى : وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١). وهذه الآية صريحة جداً في ان الله إنما خلق الناس أمّة واحدة ـ بالفطرة ـ ، إلا انهم اختلفوا باتّباعهم للشيطان ونفوسهم الأمّارة بالسوء ، ولولا إرسال الرُسُل والكتب المقدسة ، لانقرضت الانسانية من جراء الاختلاف ، غير ان الله بلطفه ، منع العاقبة المأساوية للبشرية.
وهذه الآية هي الأخرى ، جاءت لذم الاختلاف وانه سبب هلاك الامم بالرغم من ان الله خلق البشر للتوافق والاجتماع لا للإختلاف والخصومة والتمزق.
ولا يحدد الله تعالى او يميّز بين الاختلاف الفقهي ، والاختلاف العقائدي عند ذم الاختلاف واعتباره من المآسي البشرية وسلبيات الانسان في الآيات السابقة.
أما الآيات الأخرى في هذا الشأن ، فكلها يذمّ الاختلاف الذي كان من شأن الامم السابقة التي اختلفت من بعد أن جاءتها البينات ، أي الرُسُل والكتب السماوية ، حيث كان على هذه الأمم وبالأخصّ ابناء الأمة اليهودية والمسيحية ـ أن يتّبعوا ويطيعوا رُسلهم حتى يزول الاختلاف ويضمحل ، لكنهم بغوا وتمادوا في عصيانهم ، مما أدّى الى الاختلاف والشقاق والخصومات وبروز المذاهب الدينية العديدة بد رحيل انبيائهم كما هو معروف.
__________________
(١) يونس ١٩.