أي اختلاف ، لأن الاختلاف مذموم عند الله بأي حال من الأحوال : وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا النساء ٨٢.
ولعدم مقبولية الاختلاف عند الله أو الفرقة بين المؤمنين ، فقد ذمّ تأسيس المنافقين لمسجد ضرار الذي كان أحد أهدافه بثّ الفرقة والاختلاف بين المؤمنين : وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ (١).
وحين أمر الله تعالى المسلمين جميعاً بالتمسك بحبل الله والاعتصام به وعدم التفرّق والاختلاف الذي يؤدي الى الضعف وذهاب قوة المسلمين ومناعتهم ، علينا أن نتقصى معنى حبل الله في آيته الكريمة : وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا (٢) ، يقول علماء الجمهور عن حبل الله وهو القرآن : من وظائفه العامة ، رفع طرف معين الى الاعلى ، وصون الاطراف المتفقة أو المختلفة من التفكيك والتفرّق ، وهي وظائف مثّلها القرآن العظيم أحسن تمثيل.
كما ان الهدف الذي رام تحقيقه ، أن يكون المؤمنون الصادقون ، بعيدين عن كل فرقة أو نزاع ، حريصين على تجنب كل ما يلحق بصفوفهم الشقاق وحتى الصداع ، فكم من حرب شنها على المتفرّقين ، وكم من نذير أنذره الذين هم بأوضاعهم غير معتبرين.
والحال هذه انّ القرآن الكريم في حربه ضد الاختلاف والفرقة والشقاق والنزاع بين المؤمنين ، وما يؤول اليه من تمزيق لوحدة المسلمين وتشتّتهم وضعفهم وزوال قوتهم وذهاب ريحهم ، لم يكن ليفرّق بين اختلاف واختلاف ، إذ ان كل اختلاف أو نزاع سواء
__________________
(١) التوبة ١٠٧.
(٢) آل عمران ١٠٣.