كان فقيهاً أو عقائدياً أو كلامياً وما إلى ذلك ، فهو اختلاف مرفوض لا يرضاه الله لعباده أبداً لأنه معروف النتائج مُسبقاً ، ولا يؤول إلا الى عواقب سيئة ووخيمة تهدّد مصير الأمّة أمام أعدائها على المستوى القريب أو البعيد.
ولما كان القرآن الكريم ، وهو الميزان الحق في سلوك المسلمين وعملهم نهجهم في الحياة ، يأبى عليهم أي اختلاف أو نزاع أو خصومة وما شاكل ذلك ، فكيف يحق لأحد ان يدّعي ان الله تعالى أباح لعلماء المسلمين أن يختلفوا وذلك لأن الاختلاف في هذا المجال ، رحمة للمسلمين وسعة وذو منافع وفوائد عديدة ، وهو ظاهرة بناء لا هدم وغير ذلك من حجج وذرائع أطلقها مؤيدو نشوء المذاهب والفرق والطوائف في التأريخ الاسلامي ، ولا يمتلكون أيّ مُسوّغ أو دليل ، سواء كان من القرآن الكريم أو السُنّة النبوية الشريفة كما سنعرف بعد قليل.
وآية أخرى صريحة بأن المؤمنين ينبغي عليهم اذا تنازعوا في شيء ، واختلفوا في أي أمر من الأمور أن يردوه الى الله ورسوله ، أي الى القرآن الكريم والسُنّة النبوية ، وبذلك سيزول اختلافهم وتتحد كلمتهم وأقوالهم المختلفة ، اذا كانوا فعلاً يؤمنون بالله واليوم الآخر : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ... وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (١).
وآية أخرى أكثر صراحة في هذا المقام ، تدعو المسلمين أن يحكّموا الرسول في نزاعاتهم واختلافاتهم ، ويتقبّلوا حكمه وقضاءه ، ويسلّموا له دون أي نفور أو كراهية في أنفسهم ، وإلا فانهم ليسوا بمؤمنين : فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا
__________________
(١) النساء ٥٩.