المسلمون في حياة الرسول صلىاللهعليهوآله يَعُون هذه الحقيقة الناصعة ، ويقرّون بأن علياً في الفضل والمكانة والسمو يأتي بعد النبي وان تعيينه كأخ ووصي ووزير وخليفة له ، أمر مفروغ منه ، ولا يحتمل التأويل أو المغالطة ، ففي حادثة الموآخاة المشهورة والمعروفة ، آخى الرسول بين الصحابة من المهاجرين والأنصار ، لكنه إدّخر علياً لنفسه ، وأصبح أخا الرسول في الدنيا والآخرة ، حتى لا يدّعي أحد من الصحابة ، هذه الفضيلة الكبرى التي لم تدانِها فضيلة (١).
وهي الأخوّة الأبدية والخاصة ، ليست من طراز : «ان المؤمنين أخوة» التي تتسع لجميع المؤمنين.
هذه الأخوّة الخاصة ، تزكية من النبي لعليّ على أنه منزّه عن الخطأ والانحراف ، وأنه سيبقى مستقيماً حتى النهاية ، لأن أخوّته الابدية للرسول ، تؤكد هذه الحقيقة.
وعموماً فإنّ واقعة الإنذار ، فضلاً عن قضية المؤاخاة التي أكدت أخوّة علي للرسول صلىاللهعليهوآله أيضاً ، تضمنت :
١ ـ التأكيد على أن علياً وصي للنبي ، كما هو حال أوصياء الانبياء على طول التأريخ ، إذ إن لكل نبي وصياً ، ووصاية علي للرسول من هذا القبيل.
٢ ـ التأكيد على وزارة علي للنبي صلىاللهعليهوآله ، والوزير هو المساعد والمدير لشؤون الحاكم ، والوزير من الموآزرة والدعم والمعاضدة ، والمشاركة في حكم الناس ... والنبي صلىاللهعليهوآله في هذا التأكيد المبكّر لوزارة علي له ، يعلن بأن لعلي شأناً خاصاً دون الصحابة الآخرين والمقرّبين له.
٣ ـ تعيين الرسول لعليّ بأنه خليفة له من بعده ، وهذا التأكيد النبوي جاء عقب
__________________
(١) سنن الترمذي ٥ : ٣٠٠ ؛ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٤ ؛ عمدة القاري ـ العيني ٢ : ١٤٧.