الأمر القرآني بوجوب إنذار الرسول لعشيرته الأقربين من بني هاشم ، ونسنتج من ذلك ان خلافة علي لرسول الله هي خلافة منصوبة من قبل الله تعالى ، وهي خلافة جعلية ، ليس لعليّ أن يتخلى عنها أو يتنازل عنها ـ طوعاً ـ للآخرين ، كما ان النبوة اختيار وتنصيب إلهي ليس من حق النبي التنازل عنها بأي حال من الأحوال.
والخلافة ، عموماً ـ جعلية ، فهي استخلاف من قبل جهة لجهة أخرى ، إذ يقول الله تعالى : ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ (١) ، إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (٢).
ولا يحق لأحد ان يدّعي أنه خليفة لرسول الله ، وهو لم يعيّنه ولم يختره ، واذا ما اختارته جهة أخرى ونسبت الاختيار لرسول الله ، فهذه خيانة للرسول صلىاللهعليهوآله ، وإنما ينبغي أن يُقال هو خليفة لتلك الجهة وليس لرسول الله ، حسب تعريف الخلافة في اللغة العربية.
ولذا كان المسلمون في العهد النبوي ، متيقّن أن الرسول ، وفي العديد من المناسبات والمواضع ، قد أكد خلافة عليّ له ، فضلاً عن إمامته ، وإن الله هو الذي جعل علياً خليفة له صلىاللهعليهوآله.
وحسب اطلاعنا ، فإن قضية الخلافة كانت محسومة لعلي ، من خلال تصريحات الرسول في هذا الشأن ، أو تلميحاته أيضاً.
فعندما يقول رسول الله : «علي مع الحق والحق مع علي يدور مع حيث دار» (٣). فهو يعني فيما يعني :
__________________
(١) يونس ١٤.
(٢) البقرة ٣٠.
(٣) شرح نهج البلاغة ـ ابن ابي الحديد المعتزلي ٢ : ٢٩٧.