ينبغي أن تبقى موحّدة ـ ولو شكلياً ـ حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
وفعلاً ... وفّى علي بوعده ... وانتهى حكم الخليفة الثاني بمقتله ، وقرر عمر بن الخطاب ، وهو على فراش الموت ، أن يجعلها شورى بشكل صوري ، من خلال اختيار ستة من الصحابة ـ أحدهم عليّ نفسه ـ لكن الخلافة لم تستقر إلا لعثمان بن عفان.
تُرى لِمَ اشترط عمر ، إذا تساوت الأصوات ثلاثة مقابل ثلاثة ، ان يكون الفوز إلى جانب الكفة التي فيها عبد الرحمن بن عوف؟ ثم لِمَ يُقتل هؤلاء الصحابة الكبار ، لو لم يصلوا إلى نتيجة خلال ثلاثة أيام؟ وهُم حسب قول الجمهور ، من أكابر الصحابة الذين وصّى بهم النبي ، وهم من العشرة المبشَّرة بالجنّة كما يزعمون؟ (١)
بل لِمَ اختار عمر بن الخطاب هؤلاء الستة دون غيرهم من الصحابة؟ وهم الذين وصف عيوبهم ومساوئهم إلا عليّ بن ابي طالب ، اعتبره أحق هؤلاء بالخلافة ، لأنه سيحمِّل الأمة على المحجة ، أي أنه سيكون على الحق والعدل والاستقامة في حكومته لولا ان فيه دعاية (٢).
إن عمر بن الخطاب أقرّ بأن علياً سيحمل الناس على الحق والصراط المستقيم ، وهو بذلك الرجل الوحيد المؤهل لأن يكون خليفة وحاكماً للمسلمين ، وسيصون الامّة من الانحراف والشطط ، فلِمَ لم يعيّنه منذ الأول ويريح الأمّة ، كما عيّنه أبو بكر ـ هو بالذات ـ خليفة له من قبل ، حتى لا تسير الأمور إلى جانب عثمان بن عفّان كوْن قريبه ابن عوف الى جانب كفته ، وحدث ما حدث من تسليط بني أمية على رقاب المسلمين كما كان يتوقع عمر؟
__________________
(١) نيل الاوطار ـ الشوكاني ٣ : ٣٤٤.
(٢) الكامل في التأريخ ـ ابن الاثير ٣ : ٦٧.