إن عمر كان يدرك منذ الأول أنَّ علياً هو المؤهل الوحيد للخلافة ، وانه مع الحق لا يزيغ عنه أبداً ، لكنه كان لا يرضى به خليفة لأن قريشاً لا ترضى به خليفة ، كما كان عمر نفسه لا يستسيغ أن يتبوأ بنو هاشم الخلافة مطلقاً ، كما هو تصريحه على الدوام وفي مناسبات متعددة.
وعموماً ، كانت الشروط التي طرحها عبد الرحمن بن عوف على علي للقبول له كخليفة ، والتي أبرزها السير على سُنّة الرسول ، وسنّة الخليفتين أبي بكر وعمر ، غير منطقية وتخالف الأوامر الالهية ، والتعاليم النبوية التي تؤكد إتّباع السُنّة النبوية فحسب إلا ان إبن عوف كان يعلم بأن عليّاً لا يتنازل عن مبادئه بأي حال من الأحوال ، وانه ليس على استعداد للسير على سُنّة الخليفتين القبليين التي تخالف في الكثير من مضامينها ومفرداتها ، السُنّة النبوية ، كما ان سُنّتي الخليفتين نفسهما ، متضادتان في بعض النواحي ، فعلى أيهما يسير يا تُرى؟ فضلاً عن ان عليّاً لا يخلف الوعد مطلقاً ، وليس من طبعه ان يقبل شروطاً ثم لا يفي بها عند تسلّم سدة الحكم ، وكذلك لم يقبل الشرط الآخر الذي فُرض عليه وهو أن لا يجعل أحداً من بني هاشم ، من ولاته وعماله على الأمصار ، إذ أن في بني هاشم ، رجالاً أكفّاء ونزيهين ، لا يستطيع الاستغناء عنهم في حال قبوله هذا الشرط التعجيزي أيضاً ، ولذا رفض الشرط كذلك ، أما عثمان بن عفان المتعطش للسلطة ، فقبل بتلك الشروط ، وأصبح خليفة ثالثاً ، ولم يفِ بالشروط التي كانت سبيلاً لتصدّيه لخلافة المسلمين ، فهو قد سلّط بني أمية من أقاربه وأخوته على رقاب المسلمين وعينهم ولاة له كما هو معلوم ، ثم إنّه كثيراً ما اِشتط عن السُنّة النبوية وخال سُنّة الخليفتين أبي بكر وعمر ، وكان في كثير من سياساته ، يتبع سُنّة خاصة به ، من محاباة بني أمية في أموال المسلمين ، إلى ابتداع أحكام شرعية تخالف من سبقوه ، كإتمام الصلاة في السفر وما إلى ذلك ، حتى ان عائشة قالت بأن قميص النبي لم