فكيف والحال هذه أن يكون مُكَلماً ومُحَدثاً ومُعلماً وتفرّ منه الشياطين؟.
ح ـ تنقل كتب التأريخ والرواية لدى أهل السُنّة والجماعة عن المصطفى صلىاللهعليهوآله قوله بأن عثمان حيي وتستحي منه الملائكة (١). وانه صلىاللهعليهوآله ذكر فتنة ، فقال : يُقتل فيها عثمان مظلوماً. وان الله عسى أن يلبسه قميصاً ، وانهم يريدون خلعه ، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه (٢).
ويؤكد عبد الله بن سلام انه يجد في التوراة باليهودية : خليفتكم المظلوم الشهيد. وكان الخليفة الثالث قد قال قُبَيل مقتله : اللهم اجمع امّة محمد. ويعلق عبد الله بن سلام ، قائلاً : لو دعا (أي عثمان) الله أن لا يجتمعوا أبداً ما اجتمعوا إلى يوم القيامة (٣).
هذه الروايات المنقولة عن الرسول الاكرم صلىاللهعليهوآله ، وعبد الله بن سلام وغيرهما ، هي الاخرى روايات موضوعة بالتأكيد ، وليس لها أي أساس واقعي يمتّ للحقيقة بصلة ، وإنما حبكها الوضّاعون ، لاضفاء مشروعية على سلوك الخليفة الثالث ، وإبراز «مظلوميته» وما أدى ذلك إلى قتله من قبل الثوار ، وذلك لأنه :
١ ـ تسبغ أحاديث الرسول بشأن الخليفة الثالث ، (حياء) عليه يفوق حياء النبي صلىاللهعليهوآله نفسه ، بل وحياء أبي بكر وعمر. ولسنا نعلم هل ان الذي كان قمّة في الحياء والحشمة ، والذي جاء ليتمم مكارم الاخلاق ، أقل حياء من صحابي وخليفة وان كان (راشداً) ، لتستحي منه الملائكة دون خاتم الانبياء والمرسلين!؟
٢ ـ موقف رسول الله من الفتنة ، وتنبؤه بمقتل عثمان وهو (مظلوم) ، ووصيته له
__________________
(١) الكامل في التأريخ ١ : ٢٦٤.
(٢) تأريخ مدينة دمشق ٣٩ : ٢٨٠.
(٣) تأريخ مدينة دمشق ٣٩ : ٤٠٢.