أشار الى انحراف ابنائها في آيات كثيرة أخرى كما سنؤكد ذلك في المستقبل.
ولا ننسى بأن الرسول صلىاللهعليهوآله أكد مراراً بأن مصير الأمّة الاسلامية سيكون كمصير الأمم السابقة حذو النعل بالنعل (١).
ثم لا ندري ما العلاقة بين خيرية الأمّة وعدالة الصحابة كلهم أجمعين؟ ومن أين جاءت هذه الفكرة؟
ومن البديهي إذا امتدح أمّة أو مجتمعاً ما بأنه مجتمع نموذجي صالح ، فهل يعني انه يخلو من اللصوص والمخربين مثلاً؟ اللهم إلا إذا أحصى كل أفراد هذا المجتمع باسمائهم وشخوصهم فرداً فرداً ، ومثل هذه الخطوة تصلح في مجتمع صغير جداً لا يتجاوز العشرات ، ولكن يستحيل وصف مجتمع كبير جداً بأنه مثالي وخالٍ من أي شخص منحرف!!
والقرآن الكريم حين وصف الأمّة الاسلامية بالخيرية ، فانما وصفها بصورة إجمالية لا إستغراقية ، ولذلك فإن الآيات القرآنية جاءت بعد ذلك تترى لتصف حال وأوضاع المؤمنين والصحابة بشتى الأوصاف الايجابية والسلبية حسب المواقع والمجريات والمواقف لتثبت أن في الأمّة الاسلامية خلال البعثة المظفرة ، عصاة وخَوَنة ومتآمرين ، ومولّين للأدبار في الحروب ، الى غير ذلك من الاوصاف والنعوت ، فهل يحل لنا أن نكذّب سائر آيات القرآن الكريم لنتمسك بآية واحدة تصف الأمّة بالخيرية ، وندّعي بأن الصحابة الذين يشكّلون عمود الأمّة ومحورها ، ذوو عدالة مطلقة ولا يكذّبون أبداً؟ وإنّ حياتهم وسيرتهم مع الرسول ، ومع بعضهم البعض ، اتسمت بالصلاح والسداد والصدق
__________________
(١) سنن الترمذي ٤ : ١٣٥ ؛ المعجم الكبير ـ الطبراني ٦ : ٢٠٤ ؛ التمهيد ـ ابن عبد البر ٥ : ٤٥ ؛ الجامع الصغير ـ السيوطي ٢ : ٤٤٤.