______________________________________________________
ظاهر الآية (١) وبعض النصوص (٢) كان السفر موجباً لعدم المصلحة في الصوم. وحينئذ لا يكون ترك الصوم تفويتاً ، ولا عدمه فوتاً. ولا وجه لوجوب القضاء لما فات في السفر ، بل إن وجب بعد ذلك في الحضر لم يكن قضاء لما فات ، بل هو واجب آخر أجنبي عنه. وهو خلاف ضرورة الفقه ، بل خلاف مرتكزات المتشرعة. وان كان الحضر شرطاً لوجوده ، كان اللازم وجوب تحصيله ، فلا يجوز السفر. ولأجل أن المشهور المنصور جواز السفر اختياراً في شهر رمضان ، وجب الالتزام بأن الشرط ليس وجود الحضر مطلقاً ، بل وجوده من باب الاتفاق. وحينئذ يجوز تفويته اختياراً ، كما يجوز تفويت شرائط الوجوب ، ولكن يجب القضاء.
هذا في صوم رمضان. أما غيره فمقتضى قاعدة الإلحاق جريان ذلك فيه أيضاً ، فيكون الحضر شرطاً لوجود الصوم ، لا مطلقاً ، بل خصوص وجوده من باب الاتفاق. وعليه فيجوز السفر اختياراً في كل صوم واجب معين ، بالأصل أو بالعارض ، كما اختاره في نجاة العباد ، وأمضاه شيخنا الأعظم (ره) والسيد المحقق الشيرازي ( قده ) وغيرهما من محشيها. ويشهد به في النذر بعض النصوص ، كرواية عبد الله بن جندب : « سمعت من زرارة عن أبي عبد الله (ع) أنه سأله عن رجل جعل على نفسه نذراً صوماً. فحضرته نية في زيارة أبي عبد الله (ع). قال (ع) : يخرج ، ولا يصوم في الطريق. فاذا رجع قضى ذلك » (٣) وقريب منها غيرها. وعلى هذا فلا موجب للإقامة. نعم لا يبعد ذلك في الاستئجار ، لظهور الإجارة في كونها إجارة على الإقامة والصوم معاً ، لا على الصوم على تقدير الإقامة.
__________________
(١) وهي قوله تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ .. ) البقرة : ١٨٥.
(٢) تأتي الإشارة إليها ـ ان شاء الله تعالى ـ في المسألة : ١ من فصل شرائط وجوب الصوم.
(٣) الوسائل باب : ١٠ من أبواب من يصح منه الصوم حديث : ٥.