______________________________________________________
بنحو تحدث له إرادة تكوينية تابعة للإرادة التشريعية للمولى ، فلا بد أن تتعلق إرادة العبد بما تعلقت به إرادة مولاه ، وهذا معنى قصد موضوع الأمر على النحو الذي أخذ موضوعاً له. فاذا فرض أن صوم الكفارة بعنوان كونه كفارة قد أخذ موضوعاً للأمر ، فلا يكون عبادة إلا إذا قصد الإتيان به معنوناً بذلك العنوان.
نعم قد يتوهم فيدعى : أن ظاهر الأدلة السمعية كون موضوعها نفس الصوم الذي هو الماهية المشتركة بين أفراده ، فإذا كان على المكلف صوم يوم قضاء وصوم يوم كفارة فقد وجب عليه صوم يومين لا ميز بينهما إلا بمحض الاثنينية ، فلا مجال للتعيين ، فضلا عن وجوبه. فلو صام يوماً واحداً سقط عنه صوم يوم وبقي عليه صوم يوم آخر. ولكنه كما ترى ، بل ظاهر نصوص الأمر بالقضاء والكفارة ونحوهما : أخذ العنوان من القضاء والكفارة أو نحوهما في موضوع الأمر ، فلا بد من قصده ليقع عبادة ، كما عرفت.
ويشهد به أيضاً اختلافها بخصوصيات أخر ، مثل التضييق والتوسعة ، والسقوط مع العجز بلا بدل ومع البدل وغير ذلك ، فان اختلافها في الخصوصيات المذكورة يدل على اختلافها بالقيود والحدود. كما يظهر أيضاً من نصوص عدم جواز الصوم ندباً لمن عليه فريضة : أن الصوم المندوب غير الصوم الواجب يمكن أن يقصد أحدهما بعينه. فيسقط أمره ويبقى أمر الآخر ، نظير النافلة والفريضة في الصلاة. نعم لا يبعد الالتزام برجحان طبيعة الصوم في نفسها ، عدا الحرام منه ، وتعرضها خصوصيات أخرى موجبة له من قضاء أو كفارة ، فإذا قصد نفس الطبيعة بلا خصوصية وقع مندوباً ، وإذا قصدها مع الخصوصية الأخرى وقع ذو الخصوصية وترتبت عليه أحكامه.