______________________________________________________
كان وهبه قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شيء ، بمنزلة من خرج ثمَّ أفطر. (١) فإن الظاهر من اسم الإشارة في قوله (ع) : « إنما هذا » الإشارة إلى الأول الذي حال الحول على ماله ، لا الثاني ، بقرينة قوله (ع) : « وجبت عليه .. ». مضافاً إلى أن الأول هو موضوع البيان ، فعود اسم الإشارة إليه أولى من الثاني ، لأنه إنما ذكر حكمه عرضاً بعد السؤال عنه ، فليس مقصوداً إلا عرضاً.
وفيه : أن مورده السفر بعد الزوال في آخر النهار ، وقد عرفت أنه لا إشكال في عدم إسقاطه للكفارة.
ويمكن أن يستدل له بما دل على وجوب الصوم إلى أن يسافر (٢) فإنه ظاهر في أنه صوم صحيح ، فيدخل في عموم : « من أفطر وهو صائم متعمداً فعليه الكفارة » (٣) ولا ينافيه ما دل على وجوب قضائه ، لإمكان أن يكون وجوب القضاء لتدارك ما فات من مصلحة الصوم التام. وفيه : أن ظاهر الأدلة كون السفر ناقضاً للصوم ومبطلا له ، فيبطل الصوم الواقع منه بمجرد تحقق السفر منه ، فاذا كان المكلف يسافر في علم الله تعالى قبل الزوال ، فصومه باطل من أول الأمر ، فالإفطار قبل السفر إفطار في صوم باطل ، فلا أثر له في وجوب الكفارة. ولا ينافيه وجوب الإمساك إلى أن يسافر ، لإمكان كونه احتراماً للشهر ، لا لوجوب الصوم حقيقة ، فيكون الإمساك المذكور من قبيل الإمساك بعد الإفطار عمداً ، فإنه لا يدل على كونه صوما حقيقة. فتأمل.
فالأولى أن يقال : إن السفر في أثناء النهار إن كان عدمه شرطاً
__________________
(١) الوسائل باب : ٥٨ من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث : ١.
(٢) كما يأتي ذلك في الأمر الخامس من شرائط صحة الصوم.
(٣) تقدم ذلك في أول هذا الفصل.