الاعتقاد إن قلنا بها. وكذا لو كان مقتضى الأصل العملي الحرمة وكان الواقع خلافه ، أو العكس ، فهل المناط ما هو في الواقع ، أو مقتضى الأصل بعد كشف الخلاف؟ وجهان. والأحوط الجمع. وإن كان لا يبعد كون المناط هو الظاهر ،
______________________________________________________
للسفر ، كشرط بلوغ المسافة بريدين ، الظاهر في كونها شرطاً واقعياً ، لا قصدياً بل ظاهر النصوص أيضاً ، لما ذكر. ومجرد كون السفر المأخوذ شرطاً للترخص قصدياً لا خارجياً ، لا ينافي ذلك إذا ساعدته الأدلة ، ولذا لا نقول بذلك في البلوغ بريدين ، فان جميع ما ذكر فيه التمام من أنواع سفر المعصية في النصوص كان محرماً واقعياً ، لا قصدياً اعتقادياً.
ودعوى : أن ظاهر قوله (ع) : « في معصية الله ، أو رسولا لمن يعصي الله » ، كون ذلك بنظر المكلف. ممنوعة ، بل الظاهر كون المراد منه السفر في الحرام ، ولو بنحو الرسالة اليه. ومناسبة الإرفاق لا تنافي ذلك لأن في جعل الترخيص لخصوص السفر المباح واقعاً ، دون الحرام كذلك ، نحواً من الإرفاق أيضاً. وليست حيثية الإرفاق علة يدور مدارها الحكم جزماً ، بل هي حكمة يجوز تخلفها ، فليس ذلك مما يصلح لأجله رفع اليد عن الظاهر.
هذا إذا لم نقل بحرمة التجري. أما لو قلنا بها فاللازم البناء على التمام مع اعتقاد الحرمة أيضاً ، لتحقق الحرمة للسفر بالفرض ، ولو كانت من أجل التجري. واعتبار الحرمة بالعنوان الأولي لا ملزم به. وحينئذ تكون نتيجة ذلك الاكتفاء في نفي الترخص بإحدى الحرمتين : الأولية الواقعية ، والثانوية الناشئة من التجري ، لا أنه يكون المدار على الاعتقاد لا غير ، كما يظهر من المتن.