وأما مع العلم بعدم تحققه فالأحوط اجتماعهما [١]. بل الأحوط مراعاة اجتماعهما مطلقاً. فلو تحقق أحدهما دون الآخر ، إما يجمع بين القصر والتمام ، وإما يؤخر الصلاة الى أن يتحقق الآخر.
______________________________________________________
بل مجرد وجوب التقصير حينئذ ، لكون التواري عن البيوت أمارة قطعية على الوصول الى الحد ، ولو متجاوزاً عنه. والأول وإن كان أوفق بصناعة الجمع ، لأن نسبة الصحيحة الأولى ـ بلحاظ كون موردها البيوت ـ إلى غيرها نسبة المقيد الى المطلق. ويؤيده اختصاص خبر إسحاق بالمصر. إلا أنه مما لم يقل به أحد ، بل لا يظن إمكان الالتزام به ، لأن تبعية ما دخل في حد الترخص للوطن في المدن والأمصار أولى منها في البيوت والقرى ، كما هو ظاهر. فيتعين أحد الأخيرين. وثانيهما أقرب عرفاً. وكيف كان فالتصرف يختص بالصحيحة الأولى لا غير. ولو فرض تعذر الجمع العرفي كان الترجيح لنصوص الأذان ، لكونها أشهر.
[١] التفصيل بين صورة العلم بانتفاء الأخر وعدمه مبني على أن وجود كل منهما أمارة على الوجود ، وانتفاءه أمارة على الانتفاء ، فإذا أحرز أحدهما وشك في الآخر فقد أحرزت الأمارة على الوجود وشك في وجود المعارض لها ، ومع الشك في وجود المعارض يرجع الى أصالة عدمه. أما مع العلم بانتفاء الآخر ، فتتعارض الأمارتان ، فيسقطان عن الحجية ، ويرجع الى الأصول. وهذا المعنى جمع آخر بين النصوص ، ليس فيه تقييد المنطوق بالمنطوق ، ولا المفهوم بالمنطوق ، ولا رفع اليد عن المفهوم ، ولا رفع اليد عن خصوصية كل من الشرطين ، بجعل الشرط هو الجامع بينهما ، بل جعل المنطوق والمفهوم من كل من الشرطيتين لبيان كون شرطها علامة وأمارة على الحد وعدمه أمارة على عدمه. وهو وإن كان في نفسه معنى صحيحاً قريباً ، واستظهرناه من نصوص صفات المني في مبحث الجنابة من هذا الشرح ، لكن عرفت