كان كذلك كان جاهلا ، والله لم يزل خبيرا بما يخلق ، والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم ، وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى» (١).
قال الفتح بن يزيد الجرجاني : قلت لأبي الحسن عليهالسلام ـ في حديث ـ : فقولك : اللطيف الخبير فسره [لي] كما فسّرت الواحد ، فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل ، غير أني أحب أن تشرح لي ذلك؟ فقال : «يا فتح ، إنما قلنا اللطيف ، للخلق اللطيف ، ولعلمه بالشيء اللطيف ، أو لا ترى ـ وفّقك الله وثبّتك ـ إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف وفي [الخلق اللطيف] من الحيوان الصّغار من البعوض والجرجس (٢) وما [هو] أصغر منهما مما لا تكاد تستبينه العيون ، بل لا يكاد يستبان ـ لصغره ـ الذكر من الأنثى ، والحدث المولود من القديم ، فلما رأينا صغر ذلك ولطفه ، واهتدائه للسّفاد (٣) والهرب من الموت ، والجمع لما يصلحه مما في لجج البحار وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار ، وفهم بعضها عن بعض منطقها ، وما تفهم به أولادها عنها ، ونقلها الغذاء إليها ، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة وبياض مع حمرة ، وما لا تكاد عيوننا تستبيه بتمام خلقها ، ولا تراه عيوننا ، ولا تمسّه أيدينا ، علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف ، لطف في خلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آلة ، وأنّ كل صانع شيء فمن شيء صنع ، والله الخالق اللطيف خلق وصنع لا من شيء» (٤).
__________________
(١) التوحيد : ص ١٨٨ ، ح ٢.
(٢) الجرجس : البق. «لسان العرب : ج ٦ ، ص ٣٧».
(٣) السفاد : نزو الذكر على الأنثى. «لسان العرب : ج ٣ ، ص ٢١٨».
(٤) التوحيد : ص ١٨٦ ، ح ١.