الذهاب والمجيء ، مثل الموج. (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) أي ريحا ذات حجر ، كما أرسل على قوم لوط حجارة من السماء. وقيل : سحابا يحصب عليكم الحجارة (فَسَتَعْلَمُونَ) حينئذ (كَيْفَ نَذِيرِ) أي كيف إنذاري إذا عاينتم العذاب (وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) رسلي ، وجحدوا وحدانيتي (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أي عقوبتي وتغييري ما بهم من النعم. وقيل. كيف رأيتم إنكاري عليهم بإهلاكهم واستئصالهم. ثم نبه سبحانه على قدرته على الخسف ، وإرسال الحجارة فقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ) تصف أجنحتها في الهواء فوق رؤوسهم (وَيَقْبِضْنَ) أجنحتهن بعد البسط وهذا معنى الطيران ، وهو بسط الجناح وقبضه بعد البسط أي : يضربن بأرجلهن ، ويبسطن أجنحتهن تارة ، ويقبضن أخرى. فالجو للطائر كالماء للسابح. وقيل : معناه إن من الطير ما يضرب بجناحه فيصف ، ومنه ما يمسكه فيدف ، ومنه الصفيف والدفيف. (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ) بتوطئة الهواء لهن ، ولو لا ذلك لسقطن. وفي ذلك أعظم دلالة ، وأوضح برهان وحجة ، بأن من سخر الهواء هذا التسخير على كل شيء قدير. والصف : وضع الأشياء المتوالية على خط مستقيم. والقبض : جمع الأشياء عن حال البسط. والإمساك : اللزوم المانع من السقوط. (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) أي بجميع الأشياء عليم (أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ) هذا استفهام إنكار أي : لا جند لكم ينصركم مني ، ويمنعكم من عذابي ، إن أردت عذابكم. ولفظ الجند موحد ، ولذلك قال : (هذَا الَّذِي) وكأنه سبحانه يقول للكفار : بأي قوة تعصونني ألكم جند يدفع عنكم عذابي. بين بذلك أن الأصنام لا يقدرون على نصرتهم. (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) أي ما الكافرون إلا في غرور من الشيطان يغرهم بأن العذاب لا ينزل بهم. وقيل : معناه ما هم إلا في أمر لا حقيقة له من عبادة الأوثان ، يتوهمون