مع الحق والحق معه ، وستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين» فجزاك الله خيرا ـ يا أمير المؤمنين ـ عن الإسلام أفضل الجزاء ، فلقد أدّيت وأبلغت ونصحت.
ثم ركب وركب أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثم برز إلى القتال ، ثم دعا بشربة من ماء فقيل : ما معنا ماء. فقام إليه رجل من الأنصار وسقاه شربة من لبن فشربه ، ثم قال : هكذا عهد إلي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن ، ثم حمل على القوم ، فقتل ثمانية عشر نفسا ، فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه ، وقتل (رحمهالله) ، فلما كان في الليل طاف أمير المؤمنين عليهالسلام في القتلى ، فوجد عمّارا ملقى بين القتلى ، فجعل رأسه على فخذه ، ثم بكى عليه وأنشأ يقول :
ألا أيها الموت الذي ليس تاركي |
|
أرحني فقد أفنيت كلّ خليل |
أيا موت كم هذا التفرق عنوة |
|
فلست تبقي خلة لخليل |
أراك بصيرا بالذي أحبهم |
|
كأنك تمضي نحوهم بدليل (١) |
وقال علي بن جعفر : قلت لموسى بن جعفر عليهماالسلام : ما تأويل قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) فقال : «إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فما ذا تصنعون؟» (٢).
وقال الرضا عليهالسلام : «ماؤكم أبوابكم ، أي الأئمة عليهمالسلام ، والأئمة أبواب الله بينه وبين خلقه (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) يعني بعلم الإمام» (٣).
وقال أبو جعفر عليهالسلام : «إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد؟» (٤).
__________________
(١) كفاية الأثر : ص ١٢٠.
(٢) كمال الدين وتمام النعمة : ص ٣٦٠ ، ح ٣.
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٧٩.
(٤) الكافي : ج ١ ، ص ٢٧٤ ، ح ١٤.