عذاب أليم معناه. أرسلنا لينذرهم بالعذاب إن لم يؤمنوا. قال الحسن : أمره أن نذرهم عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة. ثم حكى أن نوحا امتثل ما أمر الله سبحانه به بأن قال : (قالَ يا قَوْمِ) أضافهم إلى نفسه ، فكأنه قال : أنتم عشيرتي يسوؤني ما يسوؤكم (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي مخوف مبين وجوه الأدلة في الوعيد ، وبيان الدين والتوحيد (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ) أي اعبدوا الله وحده ، ولا تشركوا به شيئا ، واتقوا معاصيه. (وَأَطِيعُونِ) فيما آمركم به ، لأن طاعتي مقرونة بطاعة الله ، وطاعة الله واجبة عليكم ، لمكان نعمه السابقة التي لا توازيها نعمة منعم (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) أي فإنكم إن فعلتم ذلك يغفر لكم ذنوبكم. ومن مزيدة. وقيل : إن (مِنْ) ههنا للتبعيض ، والمعنى : يغفر لكم ذنوبكم السالفة ، وهي بعض الذنوب التي تضاف إليكم. ولما كانت ذنوبهم التي يستأنفونها لا يجوز الوعد بغفرانها على الإطلاق لما يكون في ذلك من الإغراء بالقبيح ، قيد سبحانه هذا التقييد. (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وفي هذا دلالة على ثبوت أجلين كأنه شرط في الوعد بالأجل المسمى عبادة الله والتقوى. فلما لم يقع ذلك منهم ، اقتطعوا بعذاب الاستئصال قبل الأجل الأقصى بالأجل الأدنى. ثم قال. (إِنَّ أَجَلَ اللهِ) يعني الأقصى (إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) صحة ذلك ، وتؤمنون به. قال الحسن : يعني بأجل الله يوم القيامة ، جعله أجلا للبعث. ويجوز أن يكون هذا حكاية عن قول نوح عليهالسلام لقومه أن يكون إخبارا منه سبحانه عن نفسه. (قالَ) نوح (رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً) إلى عبادتك ، وخلع الأنداد من دونك ، وإلى الإقرار بنبوتي (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) أي لم يزدادوا بدعائي إياهم إلا فرارا من قبوله ، ونفارا منه ، وإدبارا عنه. وإنما سمي كفرهم عند دعائه زيادة في الكفر ، لأنهم كانوا على كفر وضلال ، فلما دعاهم نوح عليهالسلام إلى الإقلاع عن ذلك ، والإقرار به ، ولم يقبلوه فكفروا بذلك ، كان