قال : فما هو؟ قال : دعني أفكّر فيه.
فلمّا كان من الغد قالوا له : يا أبا عبد شمس ، ما تقول فيما قلنا؟ قال : قولوا هو سحر ، فإنه آخذ بقلوب الناس. فأنزل الله عزوجل على رسوله في ذلك (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) وإنما سمي وحيدا لأنّه قال لقريش : إنّي أتوحّد بكسوة البيت سنة ، وعليكم بجماعتكم سنة. وكان له مال كثير وحدائق ، وكان له عشر بنين بمكة ، وكان له عشرة عبيد ، عند كلّ عبد ألف دينار يتجر بها ، وملك القنطار في ذلك الزمان ، ويقال : إن القنطار جلد ثور مملوء ذهبا ، فأنزل الله عزوجل (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) إلى قوله تعالى : (صَعُوداً)(١).
وقال علي بن إبراهيم : وأما صعود فجبل من صفر من نار وسط جهنم (٢).
نرجع إلى الرواية ، قال : جبل يسمى صعودا (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) يعني قدّره ، كيف سوّاه وعدله (ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) قال : عبس وجهه وبسر ، قال : ألقى شدقه (ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) إلى قوله تعالى : (ما سَقَرُ) واد في النار (لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ) أي لا تبقيه ولا تذره (لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ) قال : تلوح عليه فتحرقه (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) قال : ملائكة يعذبونهم ، وهو قوله : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) وهم ملائكة في النار يعذّبون الناس (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) قال : لكل رجل تسعة عشر من الملائكة يعذّبونه (٣).
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٩٣.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٩٤.
(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٩٤.