ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ (٢٧) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠)) [سورة المدّثّر : ١١ ـ ٣٠]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم القمي : إنها نزلت في الوليد بن المغيرة ، وكان شيخا كبيرا مجربا من دهاة العرب ، وكان من المستهزئين برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقعد في الحجرة ويقرأ القرآن ، فاجتمعت قريش إلى الوليد بن المغيرة فقالوا : يا أبا عبد شمس ، ما هذا الذي يقول محمد ، أشعر هو أم كهانة أم خطب؟ فقال : دعوني أسمع كلامه. فدنا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا محمد ، أنشدني من شعرك. قال : «ما هو شعر ، ولكن كلام الله الذي ارتضاه لملائكته وأنبيائه ورسله». فقال : اتل علي منه شيئا. فقرأ عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حمّ السجدة ، فلما بلغ قوله : (فَإِنْ أَعْرَضُوا) يا محمد ، يعني قريشا (فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ)(١) فاقشعر الوليد ، وقامت كلّ شعرة على رأسه ولحيته ، ومرّ إلى بيته ، ولم يرجع إلى قريش من ذلك.
فمشوا إلى أبي جهل ، فقالوا : يا أبا الحكم ، إن أبا عبد شمس صبا إلى دين محمد ، أما تراه لم يرجع إلينا؟ فغدا أبو جهل إلى الوليد ، فقال [له] : يا عم ، نكّست رؤوسنا وفضحتنا ، وأشمتّ بنا عدوّنا ، وصبوت إلى دين محمد! فقال : ما صبوت إلى دينه ، ولكني سمعت [منه] كلاما صعبا تقشعر منه الجلود. فقال له أبو جهل : أخطب هو؟ قال : لا ، إن الخطب كلام متصل ، وهذا الكلام منثور ، ولا يشبه بعضه بعضا. قال : فشعر هو؟ قال : لا ، أمّا إني قد سمعت أشعار العرب بسيطها ومديدها ورملها ورجزها وما هو بشعر ،
__________________
(١) فصلت : ١٣.