أقول : وأما قوله تعالى : (وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) : ذكرت معان متعددة للمفسرين في ما يراد بالجمع بين الشمس والقمر فقد قيل هو اجتماعهما ، أو طلوعهما كليهما من المشرق وغروبها من المغرب ، وقيل اجتماعهما بعد زوال نوريهما (١) ويحتمل أن ينجذب القمر تدريجيا بواسطة الشمس وباتجاهها ثم اجتماعهما معا بعد ذلك ، وينتهي بالتالي ضياؤهما.
على كلّ حال فقد أشير هنا إلى قسمين من أهم الظواهر الانقلابية لأواخر الدنيا ، أي إلى زوال نور القمر واجتماع الشمس والقمر مع البعض ، وهو ما أشير إليه في الآيات القرآنية الأخرى أيضا ، فيقول تعالى في سورة التكوير : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) أي إذا أظلمت الشمس ، ونحن نعلم أن ضوء القمر من الشمس وعند ما يزول نور الشمس يزول بذلك نور القمر ، وبالتالي تدخل الكرة الأرضية في الظلام والعتمة المرعبة.
وبهذه الطريقة والتحول العظيم ينتهي العالم ، ثم يبدأ بعث البشرية بتحول عظيم آخذ (بنفخة الصور الثانية والتي تعتبر نفخة الحياة) فيقول الإنسان في ذلك اليوم : (يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ).
وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، في قوله : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) : «بما قدم من خير وشر ، وما أخر من سنة ليستن بها من بعده ، فإن كان شرا كان عليه مثل وزرهم ، ولا ينقص من وزرهم شيء ، وإن كان خيرا كان له مثل أجورهم ولا ينقص من أجورهم شيء».
__________________
(١) قال الطبرسي في مجمع البيان الجمع ثلاثة أنواع : جمع في المكان ، وجمع في الزمان ، وجمع الأوصاف في الشيء الواحد (كاجتماع العلم والعدالة في الإنسان) ولكن الجمع الذي يراد به اشتراك شيئين في الصفة كزوال نوريّ القمر والشمس معا هو تعبير مجازي (إذ لا بد من الاستفادة من القرينة) مجمع البيان : ج ١٠ ، ص ٣٩٥.