فأصبحوا صياما لم يذوقوا إلا الماء القراح (١) ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته ، ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته ، وخبزت منه خمسة أقراص ، لكل واحد قرص ، وصلى علي عليهالسلام المغرب مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم أتى إلى منزله ، فلما وضع الخوان بين يديه وجلسوا خمستهم ، فأول لقمة كسرها علي عليهالسلام إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب ، فقال : السّلام عليكم يا أهل بيت محمد ، أنا يتيم من يتامى المسلمين ، أطعموني مما تأكلون أطعمكم الله على موائد الجنّة ، فوضع علي عليهالسلام اللّقمة من يده ، ثم قال :
فاطم بنت السيد الكريم |
|
بنت نبي ليس بالزنيم |
قد جاءنا الله بذا اليتيم |
|
من يرحم اليوم هو الرحيم |
موعده في جنّة النعيم |
|
حرّمها الله على اللئيم |
وصاحب البخل يقف ذميم |
|
تهوي به النار إلى الجحيم |
شرابه الصديد والحميم |
فأقبلت فاطمة عليهاالسلام وهي تقول :
فسوف أعطيه ولا أبالي |
|
وأؤثر الله على عيالي |
أمسوا جياعا وهم أشبالي |
|
أصغرهما يقتل في القتال |
في كربلا يقتل باغتيال |
|
للقاتل الويل مع الوبال |
تهوي به النار إلى سفال |
|
كبوله (٢) زادت على الأكبال |
ثم عمدت فأعطت جميع ما على الخوان ، وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح ، فأصبحوا صياما ، وعمدت فاطمة عليهاالسلام فغزلت الثلث الباقي من الصوف ، وطحنت الصاع الباقي وعجنته ، وخبزت منه خمسة أقراص ، لكل
__________________
(١) أي الماء الذي لم يخالطه شيء. «لسان العرب : ج ٢ ، ص ٥٦١».
(٢) الكبول : جمع كبل وهو القيد.