وقال أبو المقدام : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : «هذه الآية نزلت فينا خاصة ، فما كان لله وللرسول فهو لنا ، ونحن ذو القربى ، ونحن المساكين ، لا تذهب مسكنتنا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبدا ، ونحن أبناء السبيل فلا يعرف سبيل الله إلا بنا ، والأمر كله لنا» (١).
٢ ـ أقول : ثم يستعرض سبحانه فلسفة هذا التقسيم الدقيق بقوله تعالى : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ).
وقد ذكر قسم من المفسرين سببا لنزول هذه الجملة بشكل خاص ، وهو أن مجموعة من زعماء المسلمين قد جاءوا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد واقعة بني النضير ، وقالوا له : خذ المنتخب وربع هذه الغنائم ، ودع الباقي لنا نقتسمه بيننا ، كما كان ذلك في زمن الجاهلية. فنزلت الآية أعلاه تحذرهم من عدم تداول هذه الأموال بين الأغنياء فقط.
و (دُولَةً) بفتح الدال وضمها بمعنى واحد ، بالرغم من أن البعض قد وضع فرقا بين الاثنين حيث ذكروا أن (دولة) بفتح الدال تعني الأموال ، أما بضمها فتعني الحرب والمقام ، أو أنهم اعتبروا الأول اسم مصدر ، والثاني مصدر ، وعلى كل حال فإن لها أصلا مشتركا مع مادة تداول بمعنى التعامل من يد إلى أخرى.
٣ ـ قال أبو إسحاق النحوي : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فسمعته يقول : «إن الله عزوجل أدب نبيه على محبته ، فقال : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(٢) ثم فوّض إليه فقال عزوجل : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما
__________________
(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٧٧ ، ح ٢.
(٢) القلم : ٤.