ورأس ذلك [الدين] عبد الله بن بريا (١) ، فحمله أهل دينه على أن يسير إليهم ويحملهم على اليهودية ويدخلهم فيها ، فسار حتى قدم نجران ، فجمع من كان بها على دين النصرانية ، ثم عرض عليهم دين اليهودية والدخول فيها ، فأبوا عليه ، فجادلهم وعرض عليهم وحرص الحرص كله فأبوا عليه ، وامتنعوا من اليهودية والدخول فيها ، فاختاروا القتل ، فخدّ لهم أخدودا ، وجمع فيه الحطب ، وأشعل فيه النار ، فمنهم من أحرق بالنار ، ومنهم من قتل بالسيف ، ومثل بهم كل مثلة ، فبلغ عدد من قتل وأحرق بالنار عشرين ألفا ، وأفلت رجل منهم يدعى دوس ذو علبان على فرس له ، [و] ركضه (٢) واتبعوه حتى أعجزهم في الرمل ورجع ذو نواس إلى ضيعة من (٣) جنوده ، فقال الله عزوجل : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) إلى قوله تعالى : (الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)(٤).
وعن ابن بابويه في (الغيبة) : بإسناده ، عن أبي رافع ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في حديث طويل ـ قال : «ملك مهرويه بن بخت نصر ست عشرة سنة وعشرين يوما ، وأخذ عند ذلك دانيال وحفر له جبا في الأرض ، وطرح فيه دانيال عليهالسلام وأصحابه وشيعته من المؤمنين ، فألقى عليهم النيران ، فلما رأى أن النيران ليست تضرّ بهم ولا تقربهم ، استودعهم الجب وفيه الأسد والسباع ، وعذّبهم بكل لون من العذاب حتى خلصهم الله عزوجل منه ، وهم الذين ذكرهم الله في كتابه ، فقال عزوجل : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ)(٥).
__________________
(١) في «ج» : بربا ، وفي تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ١٢٢ ، والكامل في التاريخ : ج ١ ، ص ٤٢٩ : عبد الله بن الثامر.
(٢) ركض الفرس برجله : استحثه للعدو. «أقرب الموارد : ج ١ ، ص ٤٢٨).
(٣) في طبعة : ضيعته في.
(٤) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤١٣.
(٥) كمال الدين وتمام النعمة : ص ٢٦٦ ، ح ٢٠.