عليهم في الضّبح ، ضباح الكلاب : صوتها ، (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) كانت بلادهم فيها حجارة ، فإذا وطئتها سنابك الخيل كانت تنقدح منها النار ، (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) أي صبحهم بالغارة (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) قال : ثارت الغبرة من ركض الخيل (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) ، قال : توسّط المشركين بجمعهم (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) أي كفور ، وهم الذين أمروا وأشاروا على أمير المؤمنين عليهالسلام أن يدع الطريق مما حسدوه ، وكان علي عليهالسلام قد أخذ بهم على غير الطريق الذي أخذ فيه أبو بكر وعمر ، فعلموا أنه يظفر بالقوم ، فقال عمرو بن العاص لأبي بكر : إن عليا غلام حدث لا علم له بالطريق ، وهذا طريق مسبع (١) لا يؤمن فيه السّباع ، فمشيا إليه ، وقالا له : يا أبا الحسن ، هذا الطريق الذي أخذت فيه طريق مسبع ، فلو رجعت إلى الطريق؟ فقال لهما أمير المؤمنين عليهالسلام : «الزما رحالكما ، وكفا عما لا يعنيكما ، واسمعا وأطيعا ، فإني أعلم بما أصنع» فسكتا.
وقوله : (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ) أي على العداوة (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) يعني الحياة حيث خافا السّباع على أنفسهما ، فقال الله عزوجل : (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) أي يجمع ويظهر (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ)(٢).
وقال جابر بن يزيد : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) ، قال : «ركض الخيل في قتالها» (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) ، قال : «توري قدم النار من حوافرها» (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) ، قال : «أغار علي عليهالسلام عليهم صباحا» (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) ، قال : «أثر بهم علي عليهالسلام
__________________
(١) أسبع الطريق : كثرت به السباع. «المعجم الوسيط : ج ١ ، ص ٤١٤».
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٤٣٩.