مبحث التيمم نقل الإجماع فيه بخصوصه (١).
ولا يخفى أنّ مقتضى مذهبه أنّ كلّ واحد واحد من الطهارات عقيب كلّ حدث يكون واجبا ، وأنّ المكلّف لو لم يتطهر من أوّل عمره إلى آخره لم يكن تاركا لواجب أصلا بالنسبة إلى الوجوب النفسي إلاّ في صورة نادرة وهي حصول ظنّ الموت والتمكّن ، فمع الترك في هذه النادرة عليه عقاب واحد ، ومع الفعل لا عقاب أصلا.
ولو تطهر عقيب كل حدث حدث فبنيّة الوجوب ، لوجوبه عليه ، فيتأتّى واجبات لا تعد ولا تحصى ، كل واحد واحد منها واجب ، وليس على ترك واحد منها عقاب أصلا ، ومع ترك الجميع يكون تاركا لواجب واحد في صورة واحدة نادرة ، ومع الفعل فيها خاصة لا يكون تاركا أصلا ، كما قلنا.
وأما الوجوب للصلاة فربما يظهر من عبارته الوجوب الشرطي لا الشرعي ، إلاّ أن يكون قائلا بوجوب مقدمة الواجب مطلقا ، أو الشرط الشرعي ، فيجتمع وجوبان : نفسي وللغير ، ويتأدى أحدهما بالآخر ، ويتضيق الأخير خاصة بتضيق وقت العبادة.
ولا يخفى أنّ هذا المذهب ـ مع ما فيه من الفساد ، من أنّ الواجب ما يكون على ترك نفسه العقاب في الجملة لا على ترك نظيره ، ومع ما فيه من القيود وتعدد طريق الوجوب فيها ، وتأدى أحدهما بالآخر ، وغير ذلك ـ جعله نفس مدلول الأخبار والظاهر منها فيه ما فيه. سيما مع ما فيها من الإيجابات ، وبلوغها غاية الكثرة.
وجعل تلك الإيجابات الكثيرة بالنسبة إلى كل واحد واحد من الأحداث من أول العمر إلى آخره ، بالنسبة إلى كل واحد واحد من
__________________
(١) انظر المدارك ٢ : ٢٠٨ و ٢٠٩.