والامتثال كما يتوقف على المقدمة بالنسبة إلى الشرب كذلك يتوقف بالنسبة إلى الملاقي ، كما هو الحال في الإناءين إذا وقع في أحدهما سم قاتل وقال المولى لعبده : اجتنب السم من الإناءين وما يلاقي السم أيضا ، كان على العبد اجتناب ما وقع في أحد الإنائين أيضا)(١).
ومن المعلوم أنه لو وقع في عين ما هو نجس طاهر يصير في الواقع نجسا.
وبالجملة : المنجسية أيضا من أحكام ذي المقدمة كالنجاسة من دون تفاوت ، فإذا كان تكليف الشارع بذي المقدمة تكليفا بالمقدمة أيضا لزم مراعاة ما اعتبر في ذي المقدمة أيضا.
والحاصل : أن حكم الشارع بالنجاسة التي من أحكامها المنجسية للغير إنما تعلق بعين ما وقع فيه النجاسة من غير مدخلية علم المكلف أو جهله فيه ، كما مرّ.
وأيضا إذا عرف بعينه يكون منجسا للغير جزما ، وليس ذلك إلاّ بحكم الشارع بأنه نجس ، وهذا الحكم بعينه من دون تفاوت موجود في ما نحن فيه ، بل هو هو بعينه ، فتأمّل جدا.
ووجوب المقدمة لو كان حكما شرعيا لم يعارضه الاستصحاب ، لأن الحكم مستصحب ما لم يثبت خلافه شرعا ، وإن لم يكن حكما شرعيا أو لم يكلف بذي المقدمة لتطرق الإشكال في مباشرة أحد الإناءين أيضا ، كما مر عن الشارح ـ رحمهالله ـ (٢) لأنه كان طاهرا قطعا قبل عروض الاشتباه.
فإن قلت : المستفاد من الأخبار أن الأصل الطهارة حتى يستيقن
__________________
(١) ما بين القوسين أثبتناه من « ه ».
(٢) في قوله : وفيه نظر. ١ : ١٠٧.