حصول المطلوب ، إذ ليس هو أمرا عقليا أو عرفيا أو أمثال ذلك ، حتى يرجع إليها في معرفته.
وأمّا الشرع فلا إجماع ولا نص ينفع ، إذ مثل قوله تعالى ( إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ ). (١) لم يذكر فيه إلاّ نفس الأجزاء المختصة بالوضوء ، أمّا الكيفية المخصوصة والأمور العامة المشتركة بينه وبين جميع العبادات سواء أنّها أيضا أجزاؤه أو شروطه مثل النية والإيمان وعدم الغصب وغير ذلك فلم يذكر فيه ، بل لم يرد في نص من النصوص الواردة في بيان كيفية عبادة من العبادات ذكر أمر من الأمور العامة ، بل تلك الأمور ثابتة في مقام آخر بعنوان الضابطة الكلية والقاعدة العامة من غير خصوصية بمكان دون مكان.
ولذا قدماؤنا أيضا لم يذكروا في عبادة من العبادات أمرا من الأمور العامة لما أثبتوها في موضعه المختص به. وأمّا المتأخرون فهم أيضا لم يذكروا سوى النية ، وربما يذكر بعض منهم بعضا آخر مثل عدم الغصبيّة.
ومعلوم أن النزاع في كيفية النية بعد فرض وجوب أصلها وتسليمه ، فعلى هذا نقول : كيف يثبت من مجرد قوله تعالى ( إِذا قُمْتُمْ ) ـ الآية ـ مثلا عدم دخول قصد الوجوب والندب في النية التي هي من الأمور العامة جزما ، وغير مختصة بالوضوء أصلا ، وثابتة من الدليل الخارج قطعا سيما ومن أدلتها « لا عمل إلاّ بنية » (٢) ، وأمثالها الدالة على اشتراط مطلق النية ، والشك في الشرط يستلزم الشك في المشروط. مع أنّ من الأدلة قوله عليهالسلام : « إنما لكل امرئ ما نوى » (٣) وربما يظهر منه أن ما لم ينو ليس له ، فتأمّل ، إلاّ أن يثبت الشارح
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) انظر الوسائل ١ : ٤٦ أبواب مقدمة العبادات ب ٥.
(٣) أمالي الطوسي : ٦٢٩ ، الوسائل ١ : ٤٨ أبواب مقدمة العبادات ب ٥ ح ١٠.