عدم الدخول وعدم الحاجة إلى المقدمة لتحصيل العلم بالبراءة بالأصل ، وجريانه في العبادات معركة لآراء الفقهاء.
ومع ذلك ، الشارح أيضا ربما لا يعتدّ بالأصل في العبادات ولا يثبت كيفيتها به ، إلاّ أن يثبت أنّ النية خارجة عن ماهية العبادات ، وهو خلاف المشهور ، ويثبت أيضا أنّ معرفة ماهية النية من باب معرفة غير العبادات.
ومع ذلك لما كان الشارح من المنكرين للحقيقة الشرعية وبمجرد الصارف عن المعنى اللغوي لا يكتفي بالرجوع إلى الحقيقة عند المتشرعة ربما يشكل الأمر بالنسبة إليه من هذه الجهة أيضا.
ومع ذلك قوله : هذا الاستدلال لا محصل له ، فيه ما فيه ، لأنّه تمام على قاعدة جماعة كثيرة من الفقهاء. فتأمّل.
ويمكن أن يقال : إنّ النية من الأمور التي يعم بها البلوى ويكثر إليها الحاجة وتشتد ، لأنّ أقسام العبادات من الواجبات والمستحبات بالأصالة أو بالعرض في غاية الكثرة ، وجميع المكلفين يحتاجون ، والاحتياج في غاية الكثرة ، بل في اليوم مرات كثيرة بالنسبة إلى مثل مستحبات الخلاء والوضوء ومستحباته ، والصلاة من الأذان إلى آخرها ، والتعقيبات وأدعية الساعات ، وقراءة القرآن إلى غير ذلك ، فلو كان قصد الوجوب أو الندب معتبرا فيها لأكثر الشارع من الأمر بالعمل والتعليم والتعلم ( وكثر العمل والتعليم والتعلم ) (١) ، وشاع في الأعصار والأمصار ، واشتهر غاية الشهرة ، ومع ذلك لم يصل خبر ولا أثر ، بل وربما وصل ما يفيد خلاف ذلك ، مثل أنهم صلوات الله عليهم ربما أمروا بفعل أمور بعضها واجب وبعضها مستحب ، مثل كبّر سبع
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « و » و « ج » و « د ».