ولكن الأحوط قصد الوجوب أو الندب أيضا ، لما مر وسيجيء ، وإن كان الظاهر عدم الوجوب ، لكن الاحتياط في موضع يعلم الوجوب أو الاستحباب ، أمّا إذا لم يعلم مثل الوضوء في الوقت المشكوك فيه وغسل الجمعة بالنسبة إلى من لم يعلم الوجوب أو الاستحباب ومتحيّر فيهما فلا حاجة إلى الاحتياط أيضا ، نعم لعلّ الأحوط قصدهما حينئذ على سبيل الترديد.
ومع ذلك (١) يكفي قصد الوجوب الوصفي والقيدي ولا يحتاج إلى قصد التعليل بأن يقول : لوجوبه ، إلاّ أن يريد الاحتياط عما ذكره العدلية في كتبهم الكلامية (٢) ، فتدبر. والله أعلم بحقائق أحكامه.
هذا ، ويمكن أن يجعل مراد المستدل أنّ العبادة تقع على وجوه متعددة : الوجوب ، والندب ، والكراهة ، والحرمة ، فإن قصد وجها معيّنا وكان هو المطلوب ثبت المطلوب ، وإن كان غيره لم يتحقق الامتثال ، لأنّه الإتيان بالمطلوب ، وإن قصد غير المعيّن لم يتحقّق الامتثال أيضا ، لأنّ غير المعيّن يتحقّق في ضمن كلّ فرد ، وجميع الأفراد متساوية فيه ، فلا خصوصية له بالمطلوب ، وحينئذ يكون الفرق بين هذا الدليل والدليل الثاني أنّه أعمّ منه.
قوله : كما ذكره المتأخرون. ( ١ : ١٨٨ ).
يمكن أن يكون مراده أنّه يمكن للمكلف أن يوقع الفعل على وجه الوجوب تارة وعلى الندب أخرى ، بأنّه عنده كذلك وإن لم يكن في الواقع ، إذ لا بدّ أن يمتثل هو ويعلم أنه ممتثل ، ولو لم يعلم لم يكن بعد ممتثلا عرفا لأنه اعتقد أنّه غير ممتثل ولا يريد الامتثال ولم يقصد إتيان ما طلب منه ،
__________________
(١) في « و » : بل ومع ذلك.
(٢) انظر الاقتصاد : ١٠٩ ( للشيخ الطوسي ) ، وكشف المراد : ٤٠٧.