ظاهرة في عدم الترتيب مطلقا ، والأخبار الأولة في وجوبه بين الرأس والبدن ، وكيف التعارض في مقام البيان! فظهر أن ما أتى به ليس في مقام البيان البتة ، لمنافاته الإجمال. مع أن الظاهر منها ـ خصوصا الآخرين ـ أن المراد بيان أنّه لا وضوء فيه ، كما يقول به العامة (١) ، كما لا يخفى على المتأمّل المنصف.
ومما يومئ أنّه توجه عليهالسلام في أوله إلى الآداب والمستحبات ، إلى أن وصل إلى نفس الغسل ، فلم يذكر إلاّ أنّه يغسل جسده ولا وضوء فيه ، من غير توجه إلى مستحبات وآداب مع أن فيه آداب ومستحبات البتة.
وأهم من ذلك عدم ذكر تقديم الرأس ، إذ لا أقل من أنّه مستحب في غاية الشدة ونهاية التأكيد.
ثم لا يخفى أن غرض الشارح إن كان نفي ثبوت الترتيب بين خصوص الجانبين ، وإن وجب بين الرأس والجسد ، كما يظهر من قوله : بين الجانبين ، ففيه ما عرفت وستعرف ، وإن كان نفي الترتيب مطلقا فمع كونه خلاف ظاهر كلامه ـ مضافا إلى ما عرفت أيضا ـ أنّه إحداث قول ثالث ، والشارح بأضعف من هذا ربما يتمسك ، فتأمّل.
وبالجملة : الأخبار الأخيرة هو لا يقول بمضمونها ، والأولة لم يقل به أحد من الفقهاء بما يظهر منها على تقدير تسليم ظهور التفصيل ، بل إما حملت على الاستحباب ، أو طرحت ، أو قيل بأن المراد منها وجوب الترتيب مطلقا ، سكت المعصوم عليهالسلام عن التنصيص بالنسبة إلى الجانبين ، بناء على ظهور أن الترتيب هو كذلك ، وكانوا يعرفون من الطريقة المستمرة بين المسلمين ، فتأمّل.
__________________
(١) انظر بداية المجتهد ١ : ٤٤ ، والمغني لابن قدامة ١ : ٢٤٩.