الحائض جزما ، ولا يدرى هل هي حائض أم لا ، وخروج الحائض عن العموم والإطلاق تقييد وتخصيص بغير الحائض البتة ، وما دل على أنّ الحائض تفعل كذا وكذا أيضا عام ، إلاّ أن يبنى على أنّه عند الشك يكون المظنون إلحاق الشيء بالأعم الأغلب ، لكنه ـ رحمهالله ـ لم يعتبر ذلك ، لأن اعتماده على العمومات الدالة على الصفات والوقوع في أيّام العادة ليس إلاّ ، ولا يعتمد على إلحاق الشيء بالأعم الأغلب ، فلاحظ كلماته وتأمّل.
على أنّا نقول : عموم ما دل على اعتبار الصفة واعتبار العادة يقتضي الحكم بكونها حائضا ، فلا وجه للشك حتى يستند لرفعه إلى إلحاق الشيء بالأعم الأغلب لو كان الدم بالصفة أو في العادة ، ولو لم يكن كذلك فقد ادعوا الإجماع على أن ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض ، مع ما مر في الحواشي السابقة في أول المبحث إذ يظهر من ذلك أنّه لو اتفق أن امرأة اعتادت برؤية الدم متفرقة في ضمن العشرة في كل شهر من أول عمرها إلى آخره فالظاهر أن أهل العرف والطب يحكمون بأنّه حيض ، ولا يقولون أن مثل هذه المرأة ممن لم تحض قط ، سيما إذا وقع الحمل واللبن من هذا الدم ، فإنه حينئذ مثل المني المسلوب الصفات المعلوم كونه منيا ، فتأمّل.
ومما ذكر ظهر أن الدليل لرأي الشيخ غير منحصر في ما ذكره ، فتدبر.
قوله : أن المتبادر من قولهم. ( ١ : ٣٢٠ ).
لا يخفى أن ما ذكره إنما ينفع لو كان الشيخ في النهاية قائلا بكون النقاء المتخلل طهرا كما ذكره جدّه ـ رحمهالله ـ ومع ذلك فالأولى الاستدلال على بطلانه بعموم ما دل على أنّ أقل الطهر عشرة ، لأنّه أدل على المطلوب ، لكنه ـ رحمهالله ـ يزيف كلام جده بما سيجيء ، مع أنّ عبارة النهاية على ما رأيتها لا يظهر منها ما ذكره جده ـ رحمهالله.