نعم ، ببالي أن ابن البراج شريك الشيخ في عدم اعتبار التوالي (١) ، فلعل عبارته تكون ظاهرة وأنا لم أطلع عليها ، ومع ذلك فلا بدّ من رفع اليد عن الظاهر لو كانت ظاهرة ، كما سيذكره الشارح ـ رحمهالله ـ ، ولعل نسبة جدّه ذلك إلى قائله من أنّ مستنده رواية يونس وهي ظاهرة فيه ، وهو تمسك بها من دون تعرض إلى توجيه لكنه محل تأمّل ظاهر ، سيما بعد حكمه بأنّ أقلّ الطهر مطلقا عشرة.
فعلى هذا نقول : لو كان رأيه أن النقاء المتخلل حيض ـ كما يقول به الشارح وغيره ـ فلا وجه لهذا الاستدلال عليه ، لأن الحيض المتفرق من المحالات عنده ، فكيف يبطل مذهبه بدعوى تبادر توالي الحيض ، فإنّ المذكور في الأخبار ليس إلاّ لفظ الحيض.
فإن بنى الأمر على أنّ المتبادر من لفظ الحيض هو الدم فبعد التسليم قوله عليهالسلام : « وأكثره عشرة » ربما يأبى عن دعوى التبادر ، لأنّ العشرة التي لم يتوال فيها الدم لا تأمّل في كونها من أفراد الأكثر ، بل وأكثر الأفراد. وبعد التسليم لا شبهة في أنّ أقل الحيض عند الشيخ أيضا ـ مثلا ـ منحصر في رؤية الدم ثلاثة أيام متواليات ، إذ بعد تفرقة الدم لا يكون أقل الحيض البتة ، مثلا لو رأت الدم في الأول والخامس والعاشر يكون الجميع حيضا ، وأكثر الحيض عشرة أيام ، فيكون من أكثر الحيض لا أقل الحيض.
على أنّه لو كان المتبادر من الحيض الدم يكون جميع ما ورد وتضمن أنّ الحائض تفعل كذا وكذا يشمل ما نحن فيه ، فيظهر دليل آخر للشيخ ومن وافقه ، فتدبر.
نعم ، دليل المشهور هو عبارة الفقه الرضوي ، كما أشرنا إليه ، متأيدا
__________________
(١) المهذب ١ : ٣٤.