فهي تضرّ ابن أبي عقيل من جهتين :
الأولى : الانفعال من المتفسخ دون غير المتفسخ ، ولم يقل به هو ولا غيره من الشيعة ، فلعله من مذاهب العامة ، فهذا مضعف آخر للرواية ، مانع عظيم للاستدلال ( ومقام التأويل غير مقام الاستدلال ) (١).
والثانية : مفهوم الرواية يدل على انفعال أقل من القربة وأشباه ذلك ، والدلالة ظاهرة ، بل المفهوم مفهوم الحصر ظاهرا ، وأما منطوقها فهو أيضا لا يدل على مذهبه ، بل على عدم انفعال قدر خاص. إلاّ أن يراد النقض (٢) ، أو التشبّث بعدم القول بالفصل ، وفيه : أنّه سيجيء ما يظهر منه القائل به ، فالمناسب أن يؤتى بهذا الخبر في مبحث قدر الكر ويتكلم فيه لا أن يؤتى به دليلا لابن أبي عقيل.
مع أن المخالف ليس إلا هو ، فإن كان إجماع فهو مخالف ، وإلاّ فكيف يتأتّى له التشبث به؟! فهذا حال معاصريه والقريبي العهد لهم ، وأمّا فقهاؤنا المتقدمون والمتأخرون مع تبائن سلائقهم واختلاف مشربهم اتفقوا على الانفعال كل الاتفاق ، بل وربما نسبوا ابن أبي عقيل إلى مخالفة الإجماع ، منه ما أشرنا.
وموثقة عمار وسماعة الواردتان في أنّه إذا وقع في أحد الإنائين قذر ولا يدرى فيهراقان ويتيمّم (٣) ، إذ اتفق الأصحاب على العمل بمضمونها ، ونقل الاتفاق جمع ، منهم الفاضلان (٤) ، ونقل الخلاف من خصوص الشافعي (٥).
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « د ».
(٢) في « أ » و « د » و « و » : النقص.
(٣) راجع ص ٦١.
(٤) المعتبر ١ : ١٠٣ ، نهاية الإحكام ١ : ٢٤٨.
(٥) حكاه عنه في الخلاف ١ : ١٩٧ وهو في الأم ١ : ١٠.