حمل البلوغ على الوصول بالطريق المعتبر ، ولا في اظهار التفضل عن ذلك ، مدفوع :
مضافا إلى ما نشير إليه [ فيما يأتي ] (١) من الفائدة في التفضل في أصل الثواب مع ذلك ، بأنّه على فرض التسليم يكون التفضل في بيان استحقاق الثواب البالغ المخصوص وان لم يكن ثواب الفعل واقعا بهذا المقدار.
الثانية : انّه هل الظاهر من الأخبار انّ كيفية العمل الصادر من العامل هو صدوره باحتمال الأمر فيكون الثواب عليه على نحو الانقياد ، أو صدوره بامتثال الأمر المحقق فيكون الثواب عليه لكونه إطاعة حقيقية وإتيانا للمأمور به بالأمر الشرعي.
ولكن الظاهر من البلوغ بعد ما عرفت من كون المتيقن منه هو الوصول بالقطع والقطعي ولا أقل من الاطلاق الشامل لكل منهما وللوصول بطريق غير معتبر بنحو واحد ، هو الثاني ، حيث انّ من المعلوم أنّ العمل بالأمر البالغ ـ أعم من المقطوع وغيره ـ بنحو واحد لا يكون إلاّ على نحو الامتثال ، وإلاّ فيلزم الاختلاف في ترتب العمل على البلوغ بالامتثال والانقياد ، وهو خلاف الظاهر.
ويدل عليه أيضا ترتب الثواب في كثير من الأخبار على العمل ، منها :
صحيحة ابن سالم المذكورة في صدر الروايات فانّ المراد من « شيء من الثواب » فيها ـ بقرينة رجوع الضمير واسم الاشارة إليه ـ العمل المشتمل على الثواب ؛ ومن المعلوم انّ استناد الأجر إلى العمل لا يكون إلاّ إذا كان مأمورا به وجيء به بقصد امتثال أمره.
إذا عرفت ما ذكرنا من كون العمل الصادر من العامل بسبب الأمر البالغ العامّ
__________________
(١) في الاصل المخطوط ( آنفا ).