الصدق على مطلق الأمر بنحو واحد وكون الظاهر من الأخبار ترتب الثواب على نفس العمل فيستكشف من هذا وجود الأمر الشرعي في مورد الرواية غير المعتبرة ، وإلاّ فلا بدّ من كون العمل في هذا المورد انقيادا محضا ، وهو مخالف لظاهر الأخبار من الجهتين.
والحاصل : انّه لا ينكر انّ الظاهر من الأخبار ترتب الثواب على نفس العمل وهو مسبب عن الأمر الشرعي والرجحان النفسي ، فيستكشف بالإن رجحانه وتعلق الأمر به ، فيحكم باستحبابه ، نظير : « من سرّح لحيته ... فله كذا » (١) وان كان لو لا هذه الاخبار لما حكم باستحبابه في المقام.
وقد أورد على ما ذكرنا من استكشاف الاستحباب الشرعي من هذه الأخبار بمجرّد ورود رواية ضعيفة بوجوه :
منها : انّ الظاهر من بعض الأخبار كون الثواب مترتبا على العمل المأتي به التماس الثواب الموعود وفي بعض آخر ترتبه على العمل المأتي به رجاء ثواب الله ، ومن المعلوم انّ صدور العمل التماس الثواب ورجائه لا يكون إلاّ مع احتمال الأمر لا مع العلم به.
وفيه : انّهما صادقان ولو فيما علم فيه بالأمر وأتى بالعمل امتثالا له امّا للخوف عن العقوبة أو لرجاء المثوبة على اختلاف مراتب العبيد ، وإذا كانا صادقين مع العلم بالأمر بلا تكلف أصلا فلا يستكشف منهما ظاهر على خلاف ما ذكرنا. هذا لو كان الثواب ملازما للأمر ، مع انّه غير مسلّم بل المسلّم الملازمة بين الأمر واستحقاق الثواب ومعنى استحقاقه ـ كاستحقاق المدح عند العقلاء ـ انّه لو أثاب المولى المطيع لكان في محله لا انّه لا بدّ من اعطائه فعلا بحيث لولاه لكان ظالما
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٤٢٩ الباب ٧٦ من ابواب آداب الحمام ، باب استحباب تسريح اللحية سبعين مرة .... ، الحديث ١.